للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي. (١) وهذا لفظ البخاري. ولفظ مسلم: الصَّلَاة لِوَقْتِهَا. (٢)

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ إِلَّا قَزَعَةُ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان. لكن من حيث رواية الباب فقط ــــــ الوجه الأول ــــــ قلت: وأما قول ابن الملقن: وَقع لأبي الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ فِي أَوسط معاجمه أَن هَذَا الحَدِيث لم يروه عَن عبد الله إِلَّا قزعة بن سُوَيْد، وَقد تقدم من رِوَايَة غَيره؛ عَنهُ فاستفده. قلت: فهو كما قال فقد رواه غير قزعة بن سُوَيْد لكن ذلك من حيث الأوجه الأخري. أما حيث رواية الباب فكما قال الطبراني رحمه الله. (٣)

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حجر: ومحصل ما أجاب به العلماء عن هذا الحديث وغيره مما اختلفت فيه الأجوبة بأنه أفضل الأعمال: أن الجواب اختلف لاختلاف أحوال السائلين بأن أعلم كل قوم بما يحتاجون إليه أو بما لهم فيه رغبة أو بما هو لائق بهم أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات بأن يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال لأنه الوسيلة إلى القيام بها والتمكن أدائها وقد تضافرت النصوص على أن الصلاة أفضل من الصدقة ومع ذلك ففي وقت مواساة المضطر تكون الصدقة أفضل أو أن أفضل ليست على بابها بل المراد بها الفضل المطلق أو المراد من أفضل الأعمال فحذفت من وهي مرادة.

وفي الحديث: أن أعمال البر يفضل بعضها على بعض. وفيه السؤال عن مسائل شتى في وقت واحد. وما كان عليه الصحابة من تعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم- والشفقة عليه. وما كان هو عليه من إرشاد المسترشدين ولو شق عليه. قال بن بزيزة الذي يقتضية النظر تقديم الجهاد على جميع أعمال البدن لأن فيه بذل النفس إلا أن الصبر على المحافظة على الصلوات وأدائها في أوقاتها والمحافظة على بر الوالدين أمر لازم متكرر دائم لا يصبر على مراقبة أمر الله فيه إلا الصديقون، والله أعلم. (٤)


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ مواقيت الصلاة ب/ فَضْلِ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا (١/ ١١٢ رقم ٥٢٧)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الإيمان ب/ بَيَانِ كَوْنِ الْإِيمَانِ بِاللهِ تَعَالَى أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ (١/ ٨٩ رقم ٨٥)
(٢) قال ابن حجر: قال القرطبي وغيره قوله لوقتها اللام للاستقبال مثل قوله تعالى فطلقوهن لعدتهن أي مستقبلات عدتهن وقيل للابتداء كقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس وقيل بمعنى في أي في وقتها وقوله على وقتها قيل على بمعنى اللام ففيه ما تقدم وقيل لإرادة الاستعلاء على الوقت وفائدته تحقق دخول الوقت ليقع الأداء فيه. يُنظر "فتح الباري" لابن حجر ٢/ ١٠.
(٣) يُنظر "البدر المنير" ٢/ ٦١٠.
(٤) يُنظر "فتح الباري" لابن حجر ٢/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>