للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن خَالِد، فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ قد وَثَّقَهُ قوم - وَهُوَ أحد الْفُقَهَاء - فَإِنَّهُ سيئ الْحِفْظ، وَتبين بعض سوء حفظه فِي هَذَا الحَدِيث، فَإِنَّهُ تلون فِيهِ تلوناً نذْكر بعضه ليبين أمره. وقال أبو الحسن القطان مرة: وهَذَا الحَدِيث مَدَاره على مُسلم بن خَالِد الزنْجِي، واضطرب فِيهِ. (١)

قلت: وكذلك الحديث بالوجه الثاني، والثالث ضعيف، فمدار الحديث علي مُسْلِم بْن خَالِد الزَّنْجِيُّ وهو ضعيف.

قال الدارقطني: اضْطَرَبَ فِي إِسْنَادِهِ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ ضَعِيفٌ، مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ثِقَةٌ إِلَّا أَنَّهُ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَقَدِ اضْطَرَبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. (٢)

وقال ابن كثير: فِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (٣)

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عِكْرِمَةَ إِلَّا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ.

قلت: أما قوله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عِكْرِمَةَ إِلَّا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ: فليس الأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلم يتفرد به عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ عن عكرمة بل رواه أيضاً عن عكرمة: دَاوُد بْن الْحُصَيْن كما في الوجه الثاني، والثالث.

وأما قوله: تَفَرَّدَ بِهِ: مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ. فهو كما قال رحمه الله.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن القيم رحمه الله: قال البيهقي: باب من عجل له أدنى من حقه قبل محله، فوضع عنه، طيبة به أنفسهما. وكأن مراده أن هذا وقع بغير شرط، بل هذا عجل، وهذا وضع، ولا محذور في ذلك، قالوا: وهذا ضد الربا، فإن ذلك يتضمن الزيادة فى الأجل والدين، وذلك إضرار محض بالغريم، ومسألتنا تتضمن براءة ذمة الغريم من الدين، وانتفاع صاحبه بما يتعجله فكلاهما حصل له الانتفاع من غير ضرر، بخلاف الربا المجمع عليه، فإن ضرره لا حق بالمدين، ونفعه مختص برب الدين، فهذا ضد الربا صورة ومعنى. قالوا: ولأن مقابلة الأجل بالزيادة فى الربا ذريعة إلى أعظم الضرر، وهو أن يصير الدرهم الواحد ألوفاً مؤلفة، فتشتغل الذمة بغير فائدة، وفى الوضع والتعجيل تتخلص ذمة هذا من الدين، وينتفع ذاك بالتعجيل له. قالوا: والشارع له تطلع إلى براءة الذمم من الديون، وسمى الغريم المدين: أسيراً ففي براءة ذمته تخليص له من الأسر، وهذا ضد شغلها بالزيادة مع الصبر، وهذا لازم لمن قال: يجوز ذلك في دين الكتابة. وهو قول أحمد، وأبى حنيفة، فإن المكاتب مع سيده كالأجنبي في باب المعاملات، ولهذا لا يجوز أن يبيعه درهماً بدرهمين، ولا يبايعه بالربا، فإذا جاز له أن يتعجل بعض كتابته، ويضع عنه باقيها، لما له في ذلك من مصلحة تعجيل


(١) يُنظر "الوهم والإيهام في كتاب الأحكام" ٣/ ١٣٢، ١٣١.
(٢) يُنظر "سنن الدارقطني ٣/ ٤٦٦.
(٣) يُنظر "البداية والنهاية" لابن كثير ٥/ ٥٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>