للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ أَنْ يَهُودِيًّا قَالَ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: فَقَبَّلَا يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. (١) قال الترمذي: وَفِي البَابِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. (٢)

وعَنْ يَزِيد بن أبي زياد مولى الهاشميين، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنه-، أَنَّهُ قَبَّلَ يَدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. (٣) قلت: إسناده ضعيف فيه: يَزِيد بن أبي زياد قال فيه ابن حجر: ضعيف. (٤)

وعلي ذلك فيرتقي الحديث بمتابعاته وشواهده من الحسن إلي الصحيح لغيره.

وأما قوله: فقبلناها فلم ينكر ذلك: فقد تفرد بها عطاف، عن عبد الرحمن بن رزين، وعبد الرحمن يُحسن حديثه.

رابعاً: النظر في كلام المُصنف:

قال الطبراني رحمه الله: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ سَلَمَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَطَّافٌ.

قلتُ: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

خامساً: التعليق علي الحديث:

اختلف أهل العلم - رحمهم الله - في حكم تقبيل اليد فذهب الأئمة الثلاثة عدا الإمام مالك إلي إباحة تقبيل أيدي العلماء وأصحاب الزهد والورع والتقوي، ونحو ذلك من الأمور الدينية، وأما إذا كان لدنيا أو ثروة أو شوكة أو وجاهة أو سلطان فيكره كراهة شديدة. أما الإمام مالك فذهب إلي كراهة تقبيل اليد علي العموم حتي ولو كانت هذه اليد هي يد الوالدين معللاً ذلك بأن هذا من فعل الأعاجم ويدعو إلي الكِبْر ورؤية النفس.

وهذه هي مذاهب الأئمة رحمهم الله:

المذهب الشافعي: قال النووي رحمه الله: وَأَمَّا تَقْبِيلُ الْيَدِ، فَإِنْ كَانَ لِزُهْدِ صَاحِبِ الْيَدِ وَصَلَاحِهِ، أَوْ عِلْمِهِ أَوْ شَرَفِهِ وَصِيَانَتِهِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، فَمُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ كَانَ لِدُنْيَاهُ وَثَرْوَتِهِ وَشَوْكَتِهِ وَوَجَاهَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَمَكْرُوهٌ شَدِيدُ الْكَرَاهَةِ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا يَجُوزُ، وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ. (٥)


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٣٠/ ١٢ رقم ١٨٠٩٢)، والترمذي في "سننه" ك/ الاستئذان ب/ مَا جَاءَ فِي قُبْلَةِ اليَدِ وَالرِّجْلِ (٥/ ٧٧ رقم ٢٧٣٣)، وابن أبي شيبة في "مسنده" (٢/ ٣٦٧ رقم ٨٨٠)، وابن المقرئ في "الرخصة في تقبيل اليد" (١/ ٦١ رقم ٤).
(٢) من أراد المزيد فليراجع مشكوراً "الجامع لأخلاق الراوي" للخطيب ١/ ١٨٩، ١٩٠، "وسنن أبي دواد" ٧/ ٥١٠ ــــــ ٥١٣، "والرخصة في تقبيل اليد" لابن المقرئ، ب/ الرخصة في تقبيل اليد.
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (٨/ ٣٧٢ رقم ٤٧٥٠)، و ابن المقرئ في "الرخصة في تقبيل اليد" ١/ ٥٩.
(٤) يُنظر "التقريب" صـ ٥٣١.
(٥) يُنظر "روضة الطالبين" للنووي ١٠/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>