للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وابن خلفون في الثقات. وحاصله أنه "ثِقَة". (١)

٦) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بن عم النَّبِي -صلى الله عليه وسلم-: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (٦٤).

ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف جداً" فيه:

١) مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ السَّدُوسِيُّ: ضعيف الحديث.

٢) وأَبِو الْجَارُودِ زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ: مَتْرُوكٌ الحديث.

قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو الْجَارُودِ الْأَعْمَى، وَهُوَ مَتْرُوكٌ كَذَّابٌ. (٢)

قلت: قال ابن المنذر: لم نجد للقراض في كتاب الله -عز وجل- ذكرًا، ولا في سنة نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، ووجدنا أهل العلم قد أجمعوا على إجازة القراض بالدنانير والدراهم، فوجب إذ كان الأمر كذلك أن نجيز منه ما أجمعوا عليه، ونقف عن إجازة ما اختلفوا فيه. (٣)

وقال ابن حزم: كل أَبْوَاب الْفِقْه لَيْسَ مِنْهَا بَاب إلا وَله أصل فِي الْقُرْآن وَالسّنة نعلمهُ وَللَّه الْحَمد حاشا الْقراض فَمَا وجدنَا لَهُ أصلاً فيهمَا الْبَتَّةَ وَلكنه إجماع صَحِيح مُجَرّد وَالَّذِي نقطع عَلَيْهِ أَنه كَانَ فِي عصر النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- وَعلمه فأقره وَلَوْلَا ذَلِك مَا جَازَ. (٤)

قلت: وقد اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْمُضَارَبَةِ وَجِوَازِهَا، وَذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الرُّخْصَةِ أَوِ الاِسْتِحْسَانِ، وأن مَشْرُوعِيَّتها مستندة إلى السنة التقريرية والإجماع والمصلحة الحاجية أو الضرورية، وبينوا أن ذلك كان مما يتعامل به أهل الجاهلية فجاء الإسلام وأقر ذلك، وأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- ضَارَبَ لِخَدِيجَة بِأَمْوَالِهَا إِلَى الشَّامِ وَأَنْفَذَتْ مَعَهُ عَبْدًا لَهَا يُقَالُ لَهُ مَيْسَرَةُ، وَكَذَا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالنَّاسُ يَتَعَاقَدُونَ الْمُضَارَبَةَ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ تَقْرِيرٌ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَالتَّقْرِيرُ أَحَدُ وُجُوهِ السُّنَّةِ.

قلت: ووردت آثار عَنْ بعض الصحابة تدل علي جواز المُضَارَبَةً وأنهم كانوا يتعاملون بها ومن أمثل هذه الآثار وأصحها: عَنْ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ اللهِ وَعُبَيْدُ اللهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ. فَلَمَّا قَفَلَا مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ. فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ. ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ أَنْفَعُكُمَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ: بَلَى، هَاهُنَا مَالٌ مِنْ مَالِ اللهِ أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَأُسْلِفُكُمَاهُ. فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعاً مِنْ مَتَاعِ الْعِرَاقِ. ثُمَّ تَبِيعَانِهِ بِالْمَدِينَةِ. فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَكُونُ لَكُمَا الرِّبْحُ. فَقَالَا: وَدِدْنَا. فَفَعَلَ. فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْمَالَ. فَلَمَّا قَدِمَا بَاعَا فَأُرْبِحَا. فَلَمَّا دَفَعَا ذلِكَ إِلَى عُمَرَ، قَالَ: أَكُلُّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ مِثْلَ مَا أَسْلَفَكُمَا؟ قَالَا: لَا.


(١) "الثقات" ٤/ ١٤٣، "تهذيب الكمال" ٥/ ٤٠٥، "الكاشف" ١/ ٣١٠، "الإكمال" ٣/ ٣٨١، "التهذيب" ٢/ ١٩٢، "التقريب" صـ ٩٢.
(٢) يُنظر "مجمع الزوائد" للهيثمي ٤/ ٢٠٥.
(٣) يُنظر "الإشراف علي مذاهب العلماء" ٦/ ٢٠٧.
(٤) يُنظر "مراتب الإجماع" لابن حزم ١/ ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>