للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْمَشِ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ.

قلت: أما قوله لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْمَشِ إِلَّا مُحَمَّد بْن أَبِي عُبَيْدَة: قلت: فهذا خطأ عَلَّهُ وقع سهواً من الناسخ وذلك لأن مُحَمَّد بْن أَبِي عُبَيْدَة لم يرو هذا الحديث مباشرة عَن الْأَعْمَشِ ولم أقف علي هذا في سائر الروايات حتي روايات الطبراني نفسه في الأوسط ــــــ رواية الباب ــــــ، وفي الكبير، وإنما رواه مُحَمَّد بْن أَبِي عُبَيْدَة بْنِ مَعْنٍ، عَن أبيه أبو عُبَيدة عبد الملك بْن مَعْن، عَن الْأَعْمَشِ.

وأما رواية جَرِير بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَن الْأَعْمَشِ فلم أقف عليها وإنما الذي وقفت عليه هو من رواية جَرِير بْن حَازِمٍ الأزدي والد وهب بن جرير. قلت: فلعل هذا خطأ وقع سهواً من الناسخ، أو لعل الطبراني رحمه الله وقف عليه أيضاً من رواية جَرِير بْن عَبْدِ الْحَمِيد، والله أعلم.

قلت: ولم ينفرد كذلك أبو عُبَيدة عبد الملك بْن مَعْن، وجَرِير بْن حَازِمٍ برواية هذا الحديث عَن الأعمش بل تابعهما: أَبُو حَمْزَةَ السكري كما بينا قبل ذلك في التخريج.

وعلي هذا فليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فقد رواه هؤلاء الثلاثة: أبو عُبَيدة عبد الملك بْن مَعْن المسعودي، وجَرِير بْن حَازِم، وأَبُو حَمْزَةَ السكري، عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ حُصَينِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ به بلفظ: مَنِ ادَّانَ دَيْنًا وَهُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِقَضَائِهِ أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ.

ورواه كذلك: أَبو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ حُصَيْنٍ به لكن بلفظ: مَنِ ادَّانَ دَيْناً يَنْوِي قَضَاءَهُ أَدَّاهُ اللهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

خامساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حجر رحمه الله: قَوْلُهُ أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وفي رواية: أَدَّاهَا الله عَنهُ، وَلابْن ماجة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدَّانُ دَيْنًا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَدَاءَهُ إِلَّا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَظَاهِرُهُ يُحِيلُ الْمَسْأَلَةَ الْمَشْهُورَةَ فِيمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوَفَاءِ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ كَأَنْ يَعْسُرَ مَثَلًا أَوْ يَفْجَأَهُ الْمَوْتُ وَلَهُ مَالٌ مَخْبُوءٌ وَكَانَتْ نِيَّتُهُ وَفَاءَ دَيْنِهِ وَلَمْ يُوَفَّ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ عَلَى الْغَالِبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَبِعَةَ عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فِي الْآخِرَةِ بِحَيْثُ يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ بَلْ يَتَكَفَّلُ اللَّهُ عَنْهُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِك ابن عَبْدِ السَّلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ أَتْلَفَهُ اللَّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِتْلَافَ يَقَعُ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَذَلِكَ فِي مَعَاشِهِ أَوْ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ لِمَا نَرَاهُ بِالْمُشَاهَدَةِ مِمَّنْ يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنَ الْأَمْرَيْنِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بالإتلاف عَذَاب الْآخِرَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>