للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

خامساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا المصطفي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث فضيلة الستر علي عورات الناس وأن من رأي إنساناً علي الذنب والمعصية فستره فكأنما أحيا موءدة من قبرها والموءدة هي التي دفنها أهلها وهي حية، ويبن لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر أن من ستر مسلماً في الدنيا ستره الله يوم القيامة ففي هذه الأحاديث وغيرها بيان للحث علي الستر علي عورات الناس وعدم فضحيتهم والتشهير بهم فمن كان هذا دأبه مع عباد الله فجزاؤه عند الله أن يستره يوم القيامة والجزاء من جنس العمل، وأما من كان من دأبه عدم الستر علي عورات الناس والتشهير بهم وإشاعة أسرارهم فجزاؤه أن يفضح علي رؤوس الأشهاد يوم القيامة.

والستر علي الناس ليس علي عمومه بل ذلك فيمن ليس معروفًا بالأذى والفساد، وكذلك إذا نصحه وأرشده غيره رجع إلي الله وتاب إليه وقبل النصيحة. وأما إن كان الستر عليه يزيده فجوراً وعصياناً وتجرؤاً علي حرمات الله فهذا يستحب أن لا يستر عليه كما قال النووي بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة لأن الستر على هذا يُطَمِعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله هذا كله في ستر معصية وقعت وانقضت. أما معصية رآه عليها وهو بعد متلبس بها فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه منها على من قدر على ذلك ولا يحل تأخيرها فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم تترتب على ذلك مفسدة. (١)


(١) يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي ١٦/ ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>