للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤) أن الوجه الثاني من رواية مُحَمَّد بْن عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، عن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وابْنُ عَبَّادٍ: صدوق يهم كما قال ابن حجر فيحتمل أن ذلك منه، والله أعلم.

٥) ترجيح الأئمة لهذا الوجه:

- قال الدارقطني: يَرْوِيهِ الْأَعْمَشُ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. (١)

قلت: وفي ذلك دلالة ضمنية علي أن الحديث من رواية سُهَيْل بْن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيه، وليس من رواية سُهَيْل بْن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، والله أعلم.

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده صحيح". قلت: والحديث بهذا الوجه الراجح أخرجه مسلم في "صحيحه" عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كما سبق بيان ذلك.

خامساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: فِيِ الحديث الْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَاتِّبَاعِهَا وَمُصَاحَبَتِهَا حَتَّى تُدْفَنَ وَقَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ: مَعْنَاهُ بِالْأَوَّلِ فَيَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ قِيرَاطٌ وَبِالِاتِّبَاعِ مَعَ حُضُورِ الدَّفْنِ قِيرَاطٌ آخَرُ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ قِيرَاطَيْنِ تُبَيِّنُهُ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ فِي أَوَّلِ صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مَنْ شَهِدَ جِنَازَةً وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا رَجَعَ مِنَ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ (٢). فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَجْمُوعَ بِالصَّلَاةِ وَالِاتِّبَاعِ وَحُضُورِ الدَّفْنِ قِيرَاطَانِ. وَفِي هذا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقِيرَاطَ الثَّانِي لَا يَحْصُلُ إِلَّا لِمَنْ دَامَ مَعَهَا مِنْ حِينِ صَلَّى إِلَى أَنْ فَرَغَ وَقْتُهَا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَحْصُلُ الْقِيرَاطُ الثَّانِي إِذَا سُتِرَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ بِاللَّبِنِ وَإِنْ لَمْ يُلْقَ عَلَيْهِ التُّرَابُ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ قَالَ: مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ، الْقِيرَاطُ مِقْدَارٌ مِنَ الثَّوَابِ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ مِقْدَارِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْقِيرَاطُ الْمَذْكُورُ فِيمَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ وَفِي رِوَايَاتٍ قِيرَاطَانِ بَلْ ذَلِكَ قَدْرٌ مَعْلُومٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ هَذَا وأقل وأكثر. (٣)


(١) يُنظر "العلل" الدارقطني ١٠/ ٩٨.
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الإيمان ب/ اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ (١/ ١٨ رقم ٤٧) بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ».
(٣) يُنظر "شرح مسلم" للنووي ٧/ ١٤، ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>