للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورواه عَنْ جرير بهذا الوجه: الْفَيْض بْن وَثِيق، وعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وابْن راهويه، ويوسف بن موسى القطان. وأخرج مسلم هذا الوجه في "صحيحه" كما سبق بيان ذلك في التخريج.

الوجه الثاني: جَرِيرُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّه.

ورواه عَنْ جرير بهذا الوجه: إِسْحَاق بْن راهويه. وقد تابع جرير علي هذا الوجه: سُفْيَان الثوري، وَوَكِيع بن الجراح، وأَبُو مُعَاوِيَة الضرير، وأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاش، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، وأَبُو عَوَانَة، وزائدة، وإِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا. وأخرج مسلم هذا الوجه في "صحيحه" أيضاً كما سبق بيان ذلك في التخريج.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ هذا الحديث محفوظ بكلا الوجهين وذلك لما يلي:

١) رواية الأكثر عدداً في الوجه الأول، وإخراج مسلم له في "صحيحه".

٢) المتابعات في الوجه الثاني وإخراج مسلم لبعض هذه المتابعات في "صحيحه".

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: الْفَيْض بْن وَثِيق الثَّقَفِي: ضعيف يُعتبر به.

قلت: لكن تابعه عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْر بْن حَرْب، وَإِسْحَاق بْن راهويه. وأخرج مسلم هذه المتابعات في "صحيحه" كما سبق بيان ذلك في التخريج.

وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- في آخر الحديث: وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، لِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ. فهذا الزيادة رواها الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ والْفَيْض ضعيف. قلت: لكن تابعه علي هذه الزيادة: زُهَيْر بْن حَرْب كما في رواية أبو يعلي، وابن عساكر. وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُغِيرَةَ إِلَّا جَرِيرٌ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

سادساً: التعليق علي الحديث:

فِي هذا الحديث فضيلة ظَاهِرَةٌ لِأَبِي بَكْر -رضي الله عنه- إذ لو اتخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- خليلاً لا تخذ من علي رأس صحابته أبو بكر -رضي الله عنه-. قالَ الْقَاضِي عياض: أَصْلُ الْخُلَّةِ الافتقار وَالِانْقِطَاعُ فَخَلِيلُ اللَّهِ الْمُنْقَطِعُ إِلَيْهِ وَقِيلَ لِقَصْرِهِ حَاجَتَهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَقِيلَ الْخُلَّة الِاصْطِفَاء وَسُمِّيَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلًا لِأَنَّهُ وَالَى فِي اللَّهِ تَعَالَى وَعَادَى فِيهِ. وَقِيلَ لِأَنَّهُ تَخَلَّقَ بِخِلَالٍ حَسَنَةٍ وَأَخْلَاقٍ كَرِيمَةٍ وَخُلَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ نَصْرُهُ وَجَعْلُهُ إِمَامًا لمن بعده وَقِيلَ الْخَلِيلُ مَنْ لَا يَتَّسِعُ قَلْبُهُ لِغَيْرِ خَلِيلِهِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ حُبَّ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يُبْقِ فِي قَلْبِهِ مَوْضِعًا لِغَيْرِهِ. وَقَدْ ثَبَتَتْ خُلَّةُ نَبِيِّنَا -صلى الله عليه وسلم- لِلَّهِ تَعَالَى بِهَذَا الْحَدِيثِ وَنَفَى أَنْ يَكُونَ لَهُ خَلِيلٌ غَيْرُهُ. قال النووي: وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ سَمِعْتُ خَلِيلِي -صلى الله عليه وسلم- فَلَا يُخَالِفُ هَذَا لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ يَحْسُنُ فِي حَقِّهِ الِانْقِطَاعُ إِلَى النَّبِي -صلى الله عليه وسلم-. (١)


(١) يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي ١٥/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>