للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- وقال الدارقطني: أَشْبَهُهَا بِالصَّوَابِ حَدِيثُ الأعمش، عن إبراهيم، عن عَلْقَمَة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. (١)

قلت: وذهب البخاري إلي ترجيح كلا الوجهين. فقال الترمذي: سألت محمداً عن هذا الحديث فقلت: أي الروايتين أصح؟ فقال: يحتمل عنهما جميعاً، ولا أعلم أحداً من أصحاب الأعمش قال: عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة إلا وكيع. (٢) قلت: بل تابعه شريك بن عبد الله كما سبق بيان ذلك.

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده حسن" فيه: مَنْصُور بْن أَبِي الْأَسْوَدِ: صدوق.

قلت: وقد تابعه أبو حمزة السكري، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ التميمي كما سبق بيان ذلك.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الحسن إلي الصحيح لغيره.

قلت: وفي الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه-، أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ اللَّيْلِ، فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا، قَالَ: وَصَفَ وُضُوءَهُ، وَجَعَلَ يُخَفِّفُهُ وَيُقَلِّلُهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخْلَفَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، فَخَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ "قَالَ سُفْيَانُ: وَهَذَا لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- خَاصَّةً، لِأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، تَنَامُ عَيْنَاهُ، وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ. (٣)

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيث عَنِ الْأَعْمَش إِلَّا مَنْصُورٌ.

قلت: وكذلك قال البزار فقال: هَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. (٤) قلت: وليس الأمر كما قالا عليهما من الله الرحمة والرضوان. فلم يتفرد به منصور عَن الأعمش بل تابعه: أبو حمزة السكري، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ التميمي، ثلاثتهم: عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود كما سبق بيان ذلك. وخالفهم وكيع بن الجراح، وشريك بن عبد الله فرواياه عَن الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَة.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن عبد البر: لَيْسَ بِنَا حَاجَةٌ إِلَى هَذَا فِي النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ مَخْصُوصٌ بِأَنْ تَنَامَ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامَ قَلْبُهُ -صلى الله عليه وسلم- وَإِنَّمَا النَّوْمُ الْمُوجِبُ لِلْوُضُوءِ مَا غَلَبَ عَلَى الْقَلْبِ أَوْ خَالَطَهُ. (٥)


(١) يُنظر "العلل" للدارقطني ٥/ ١٦٧.
(٢) يُنظر "العلل الكبير" ١/ ٤٦.
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الوُضُوءِ ب/ التَّخْفِيفِ فِي الوُضُوءِ (١/ ٣٩ رقم ١٣٨)، ومسلم في "صحيحه" ك/ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا ب/ الدُّعَاءِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَقِيَامِهِ (١/ ٥٢٨ رقم ٧٦٣).
(٤) يُنظر "مسند البزار" ٤/ ٣٢٨.
(٥) يُنظر "التمهيد" لابن عبد البر ١٨/ ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>