للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الأول: ابْن الْمُبَارَك، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوب، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنَادَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. ورواه عَن ابْنِ الْمُبَارَكِ بهذا الوجه: سَعِيد بْن سُلَيْمَان الواسطي. وهو ثقة.

الوجه الثاني: عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوب، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنَادَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. ورواه عَن عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَكِ بهذا الوجه: مُعَاذ بْن أَسَد: ثقة. ونَعْيمُ بْنُ حَمَّادٍ: صدوق يخطئ. ومُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْمَرْوَزِيُّ: ثقة.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك لما يلي:

رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بهذا الوجه ثلاثة من الرواة وهذا بخلاف الوجه الأول فلم يروه إلا راوِ واحد.

ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة الثقة للأكثرية.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ "إسناده ضعيف" فيه: عَبْد اللَّه بْنِ جُنَادَة: مجهول الحال.

قلت: وللحديث شاهد من حديث الْأَعْمَشِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ بَحِيرٍ، عَنْ ضِرَارِ بْنِ الْأَزْوَر، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بِهِ وَهُوَ يَحْلِبُ، فَقَالَ: دَعْ دَاعِيَ اللَّبَنِ. (١) (٢) قلت: لكن فيه: يَعْقُوبَ بْنِ بَحِيرٍ: قال ابن المديني: يعقوب هذا مجهول لم يرو عنه غير الأعمش. وقال الذهبي: لا يعرف تفرد عنه الأعمش. (٣)

رابعاً: النظر في الخلاف والترجيح:

قال الطبراني رحمه الله: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

خامساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن الأثير: قوله -صلى الله عليه وسلم-: دَع دَاعِيَ اللبَنِ لَا تُجْهِدْه: أَيْ أبْقِ فِي الضَّرْع قَلِيلًا مِنَ اللبَنِ وَلَا تَسْتَوْعِبْه كلَّه، فَإِنَّ الَّذِي تُبْقيه فِيهِ يَدْعُو مَا وراءَه مِنَ اللبَنِ فيُنْزلُه، وَإِذَا اسْتُقْصِي كُلُّ مَا فِي الضَّرْع أَبْطَأَ دَرُّه عَلَى حالبِه. (٤) وقال السندي: قوله: دع داعيَ اللَّبن، بالنصب على المفعولية إن أريد به الفصيل، أي: اتركه ليرضع، وعلى النداء إن أريد به ضرار، والله أعلم.


(١) أخرجه وكيع في "الزهد" (١/ ٨٠٤ رقم ٤٩٥)، وأحمد في "مسنده" (٢٧/ ٢٥٤ رقم ١٦٧٠٢)، (٣١/ ٣١٨ رقم ١٨٩٨٠)، وهناد بن السري في "الزهد" (١/ ٤٠٩ رقم ٧٩٥)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٢/ ٢٩٨ رقم ١٠٦٠)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الأطعمة ب/ الضيافة: ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْحَالِبِ إِذَا حَلَبَ أَنْ يَتْرُكَ دَاعِيَ اللَّبَنِ (١٢/ ٩٠ رقم ٥٢٨٣)، والحاكم في "المستدرك" ك/ معرفة الصحابة (٣/ ٢٦٤ رقم ٥٠٤١)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٢٤/ ٣٧٩.
(٢) قال ابن أبي حاتم: سألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الثَّوري، عَنِ الأَعْمَش، عن عبد الله بْنِ سِنَان، عَنْ ضِرَارِ بنِ الأَزْوَر قال: حَلَبَ رجلٌ عند النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: دَعْ دَوَاعِيَ اللَّبَنِ؟ فَقَالا: رَوَى هَذَا الحديثَ جماعةٌ مِنَ الحفَّاظ عن الأَعْمَش، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ بَحِير، عَنْ ضِرَار بْنِ الأَزْوَر، بَدَلا مِنْ عبد الله بْنِ سِنان؛ وَهُوَ الصَّحيح. قَالَ أَبِي: خالف الثَّوريُّ الخَلْقَ فِي هذا الحديث، وقال غيرُ سفيان: الأَعْمَش، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ بَحِير، عن ضِرَار بن الأَزْوَر. يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم ٥/ ٦٣٩.
(٣) يُنظر "تاريخ دمشق" ٢٤/ ٣٨٢، "ميزان الاعتدال" ٤/ ٤٤٩.
(٤) يُنظر "النهاية" لابن الأثير ٢/ ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>