للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" فيه: عَبْدُ اللهِ بن مُصْعَبِ بنِ ثَابِتٍ الزُّبَيْرِيُّ: ضعيف الحديث، وذلك لتفرده ومخالفته لما رواه الثقات.

وأما الحديث بالوجه الثاني فإسناده ضعيف فيه: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْأَوْدِيِّ: قال ابن حجر: مقبول.

قلت: وللحديث شواهد من أمثلها حديث مُعَيْقِيبٍ بن أبي فاطمة، وأَبو هُرَيْرَةَ فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَيْقِيبٍ، عَن أبيه مُعَيْقِيبٍ بن أبي فاطمة الدوسي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَدْرُونَ عَلَى مَنْ حُرِّمَتِ النَّارُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ عَلَى الْهَيِّنِ اللَّيِّنِ السَّهْلِ الْقَرِيبِ. (١) قلت: لكنه ضعيف لجهالة مُحَمَّدِ بْنِ مُعَيْقِيبٍ.

وعَن وَهْب بْن حَكِيمٍ الْأَزْدِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: تُحَرَّمُ النَّارُ عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ. (٢) قلت: وهو ضعيف أيضاً وذلك لجهالة وَهْب بْن حَكِيمٍ الْأَزْدِيُّ كما قال العقيلي.

وعلي ذلك فيرتقي الحديث من وجهه الراجح بشواهد من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِلَّا عَبْد اللَّهِ بْن مُصْعَبٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: ابْنُهُ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان لكن ذلك من حيث الوجه الأول ـــــ المرجوح ــــ الذي أخرج به الطبراني وغيره رواية الباب. ورواه عن هِشَام بْن عُرْوَة بالوجه الثاني ــــ الراجح ـــــ جماعة من الرواة وهم: عَبْدَة بْن سُلَيْمَانَ، واللَّيْث بْن سَعْد. كما وقفت عليهما، وزاد الدارقطني: أبو أسامة، وَلَوْذَان بْن سُلَيْمَان.

قال ابن حجر: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِلَّا عَبْد اللَّهِ بْن مُصْعَبٍ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُهُ. قُلْتُ ــــ ابن حجر ـــــ: لَعَلَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا الْإِسْنَادَ، (٣) وَإِلَّا فَقَدْ سُئِلَ أَبُو زُرْعَةِ الرَّازِيُّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: وَهِمَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ؛ فَقَد رَوَاهُ اللَّيْثُ، وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيِمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، فَقَالَا: عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْأَوْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. ورِوَايَةُ عَبْدَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَلَعَلَّهُ عِنْدَ هِشَامٍ بِإِسْنَادَيْنِ. (٤)

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال المناوي رحمه الله: قوله: ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار: أي دخول نار جهنم. غداً: أي يوم القيامة وأصل الغد اليوم الذي بعد يومك على أثره ثم توسعوا فيه حتى أطلق على البعيد المترقب. على كل هين:


(١) أخرجه أحمد في "الورع" (١/ ٩٥)، وابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني" (١/ ٢٣٧ رقم ٣٠٩)، والدولابي في "الأسماء والكني" (١/ ٢٦٧ رقم ٤٧٤)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (٨/ ٢١٩ رقم ٨٤٥٢)، وفي "الكبير" (٢٠/ ٣٥٢ رقم ٨٣٢)، وأبو سعد البغدادي في "مجلسان من مجالسه" (١/ ٤ رقم ٣)، وأبو طاهر السلفي في "المشيخة البغدادية (٩/ ٨ رقم ١٣).
(٢) أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (٤/ ٣٢٣)، والطبراني في "الأوسط" (٦/ ٣٨ رقم ٥٧٢٥).
(٣) قلت: يقصد ابن حجر بقوله: هَذَا الْإِسْنَادَ: طريق الطبراني ـــــ رواية الباب ـــــ عَن هِشَام بْن عُرْوَةِ، عَن ابْن الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِر، فقد أخرجه ابن حجر أيضاً في أماليه الحلبية من طريق هشام، عن ابن المنكدر، عن جابر.
(٤) يُنظر "الأمالي السفرية الحلبية" لابن حجر ١/ ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>