للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هُوَ: قَتادةُ، عَنْ عِكْرمَة، عن النبيِّ … مُرسَل فِي قِصَّةِ صَفِيَّة؛ رَوَاهُ الدَّسْتوائي وغيرُه؛ وهذا هُوَ الصَّحيح. (١)

- وقال ابن حجر: طَرِيقُ قَتَادَةَ هَذِهِ هِيَ الْمَحْفُوظَةُ ــــ أي عَنْ عكرمة ــــ وَقَدْ شَذَّ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَامِّ فَرَوَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مُخْتَصَراً. (٢)

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة عَبَّاد بْن الْعَوَام لما رواه الثقات عن سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَة وتفرده بذلك.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ "إسناده صحيح" قلت: وله متابعات في الصحيحين كما سبق بيان ذلك في التخريج.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ قَتَادَةَ إِلَّا سَعِيدٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان لكن من حيث الوجه الأول المرجوح عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَس.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن قدامة: وَالْمَرْأَةُ إذَا حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تُوَدِّعَ، خَرَجَتْ، وَلَا وَدَاعَ عَلَيْهَا، وَلَا فِدْيَةَ. هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ أَنَّهُمَا أَمَرَا الْحَائِضَ بِالْمُقَامِ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ، وَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَقُولُ بِهِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ، فَرَوَى مُسْلِمٌ، أَنَّ زِيدَ بْنَ ثَابِتٍ خَالَفَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي هَذَا، قَالَ طَاوُسٌ: كُنْت مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ إذْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: تُفْتِي أَنْ لَا تَصْدُرَ الْحَائِضُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إمَّا تَسْأَلُ فُلَانَةَ الْأَنْصَارِيَّةَ، هَلْ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِذَلِكَ؟ قَالَ: فَرَجَعَ زَيْدٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَضْحَكُ، وَهُوَ يَقُولُ: مَا أَرَاك إلَّا قَدْ صَدَقْت. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ أَيْضًا. وَقَدْ ثَبَتَ التَّخْفِيفُ عَنْ الْحَائِضِ بِحَدِيثِ صَفِيَّةَ، حِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهَا حَائِضٌ. فَقَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه، إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ. قَالَ: فَلْتَنْفِرْ إذًا. وَلَا أَمَرَهَا بِفِدْيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا. وَالْحُكْمُ فِي النُّفَسَاءِ كَالْحُكْمِ فِي الْحَائِضِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ النِّفَاسِ أَحْكَامُ الْحَيْضِ، فِيمَا يُوجِبُ وَيُسْقِطُ. وإذَا نَفَرْت الْحَائِضُ بِغَيْرِ وَدَاعٍ فَطَهُرَتْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَان رَجَعَتْ فَاغْتَسَلَتْ وَوَدَّعَتْ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْإِقَامَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَسْتَبِيحُ الرُّخَصَ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ، فَمَضَتْ، أَوْ مَضَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهَا دَمٌ. وَإِنْ فَارَقَتْ الْبُنْيَانَ، لَمْ يَجِبْ الرُّجُوعُ، إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً، كَالْخَارِجِ مِنْ غَيْر عُذْرٍ. قُلْنَا: هُنَاكَ تَرَكَ وَاجِبًا، فَلَمْ يَسْقُطْ بِخُرُوجِهِ، حَتَّى يَصِيرَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ إنْشَاءَ سَفَرٍ طَوِيلٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ، وَهَا هُنَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، وَلَا يَثْبُتُ وُجُوبُهُ ابْتِدَاءً إلَّا فِي حَقِّ مَنْ كَانَ مُقِيماً. (٣)


(١) يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم ٣/ ٢١٥، ١٨٨.
(٢) يُنظر "فتح الباري" لابن حجر ٣/ ٥٨٨.
(٣) يُنظر "المغني" لابن قدامة ٥/ ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>