للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" لأجل إِسْمَاعِيل بْن عياش، فروايته عن غير أهل بلده ــــــ الشاميين ـــــــ ضعيفة، وهو يروي هذا الحديث عن يحيي بن سعيد، ويحيي مدني. وقد تفرد به إسماعيل عن يحيي موصولاً، وخالف الثقات في روايتهم للحديث مرسلاً.

وأما الحديث بالوجه الثالث ــــ الراجح ــــ فمرسل إسناده صحيح.

قلت: وللحديث شواهد من أمثلها: حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِذَا كَانَ لِأَحَدِكُمْ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ. (١) وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ. (٢)

قلت: وحَسَّنَ ابن حجر إسنادهما فقال: وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْغَيْلَانِيَّاتِ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ أَيْضًا. (٣)

خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ رحمه الله:

قال المُصَنِف رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى إِلَّا إِسْمَاعِيلُ.

قلت: والأمر كما قال رحمه الله، فلم يروه عن يحيي إلا إسماعيل وذلك بالوجه الموصول - الأول -.

وأما بالوجه الثاني فرواه عن يحيي: عُمَر بْن عَلِي الْمُقَدَّمِي.

وأما بالوجه المرسل - الراجح - فرواه عن يحيي بن سعيد: حَمَّاد بْن زَيْد. (٤)

قال ابن عدي: وَهَذَا الْحَدِيثُ مَوْصُولا هَكَذَا لَمْ يَرْوِيهِ عَنْ يَحْيى غَيْرُ ابْنِ عَيَّاشٍ وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُ رَوَوْهُ عَنْ يَحْيى، عنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَال: كَانَ لأَبِي قَتَادَةَ وَفْرَةٌ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الإِسْنَادِ جابراً. (٥)

سادساً: التعليق علي الحديث:

في هذا الحديث النَّدب إلى النّظافة وإصلاح الشعر بتمشيطه وتجميله بالدهن. فتَسْرِيح شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَدَهْنُه مِنَ النَّظَافَة التي نَدَبَ الشَّرْعُ إِلَيْهَا قَالَ اللَّهِ تَعَالَى {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (٦) وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا قتادة بإكرام شعره فقال له: أَكرِمهَا يريدُ إصلاحَها وتجميلَها بالدُّهن، وما يجري مجراه ممّا يحسن به الشَّعر، فيكون ذلك إكرامًا وصيانة من الشَّعث والدَّواب والوَسَخ وَأَكرِمْها بِصونها من نحو وَسخ وقذر، وَبِتعاهدِها بِالتَّنْظِيف وَالِادِّهَان. فكان أَبو قتادة ربما دَهَنَهَا فِي الْيَوْم مرتين لتشعثها بعمل، أو غبار وغير ذلك.


(١) أخرجه البيهقي في "الشعب" ٦٤٥٦، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"٣٣٦٠، وأبو بكر البَّزاز في "الغيلانيات" ٧٦٦.
(٢) أخرجه أبوداود في "سننه"٤١٦٣، والبيهقي في "الشعب"٦٤٥٥، وفي "الآداب" ٦٩٥، والطبراني في "الأوسط" ٨٤٨٥.
(٣) يُنظر "فتح الباري" لابن حجر ١٠/ ٣٦٨.
(٤) أخرجه البيهقي في "الشعب" ٦٤٥٨ عن حماد بن زيد عن يحيي بن سعيد، وابن عبد البر في "التمهيد ٢٤/ ٩ عن الْمُقَدَّمِيُّ عن يحيي بن سعيد كما سبق بيان ذلك في التخريج.
(٥) يُنظر "الكامل" لابن عدي ١/ ٤٨٦.
(٦) سورة الأعراف آية رقم: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>