للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦) عَبْد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بن عم النَبِي -صلى الله عليه وسلم-: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (٦٤).

ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني إسناده "ضعيف" فيه علتان:

الأولي: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيد: "ثقة يرسل ويدلس تدليس التسوية فلا يُقبل حديثه إلا إذا صرح بالسماع في كل طبقات الإسناد" ولم يصرح بالسماع في كل طبقات الإسناد.

الثانية: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع" ولم يصرح بالسماع أيضاً.

قلت لكن للحديث شواهد من أمثلها حديث أنس بْن مَالِك:

فعَن أَنَس -رضي الله عنه- قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جَنَّةَ عَدْنٍ وَغَرَسَ أَشْجَارَهَا بِيَدِهِ وَقَالَ لَهَا تَكَلَّمِي قَالَتْ قد أفلح المؤمنون. (١)

قلت وله شاهد آخر من حديث أَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِي عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ جَنَّةَ عَدْنٍ وَبَنَاهَا بِيَدِهِ، لَبِنَةً مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةً مِنْ فِضَّةٍ، وَجَعَلَ مِلَاطَهَا الْمِسْكَ، وَتُرَابَهَا الزَّعْفَرَانَ، وَحَصْبَاءَهَا اللُّؤْلُؤَ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي فَقَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: طُوبَى لَكِ مَنْزِلُ الْمُلُوكِ. (٢)


(١) أخرجه بن عدي في "الكامل" (٦/ ٣٢٩)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (١١/ ٣٣٥)، عَنْ العَلَاءُ بنُ مَسْلَمَةَ. والحاكم في "المستدرك" (٣٤٨٠)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (٦٩١)، عَنْ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ. وابن بطة في "الإبانة" (٢٣١)، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْمُخَرِّمِيُّ، ثلاثتهم (العَلَاءُ بنُ مَسْلَمَةَ، والْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْمُخَرِّمِيُّ) عَنْ عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، عن حُمَيْدٌ، عَن أَنَس بنحوه. قلت ـــ الباحث ــــ قال الذهبي في "السير" (٩/ ٢٦٠): وَهَذَا بَاطِل، وابْنُ عَاصِمٍ بَرِيْءٌ مِنْهُ، وَالعَلَاءُ مُتَّهَمٌ بِالكَذِبِ. وقال في "الميزان" (٣/ ١٣٧) وهذا باطل، ولقد أساء ابن عدي في إيراده هذه البواطيل في ترجمة عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، والعَلَاءُ بنُ مَسْلَمَةَ: متهم بالكذب. قلت ــــ الباحث ــــ والعَلَاء وإن كان متهماً بالكذب لكنه قد تُوبع فقد تابعه: الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، والْعَبَّاسُ ثقة حافظ كما قال ابن حجر في "التقريب (١/ ٢٣٧)، وتابعه كذلك: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْمُخَرِّمِيُّ: والْمُخَرِّمِيُّ هذا صدوق كما قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٥/ ١١). قلت: قال الحاكم في "المستدرك" هذا حديث صحيح الإسناد. لكن تعقبه الذهبي بقوله: ضعيف. مع أن إسناد الحاكم رجاله ثقات عدا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ فقال فيه ابن حجر في "التقريب" (١/ ٣٤١) صدوق يُخْطئ ويُصِر. وقال يَعْقُوب بْن شَيْبَة: سمعت علي بن عاصم على اختلاف أصحابنا فيه منهم من أنكر عليه كثرة الخطأ والغلط، ومنهم من أنكر عليه تماديه في ذلك وتركه الرجوع عما يخالفه الناس فيه، ومنهم من تكلم في سوء حفظه واشتباه الأمر عليه في بعض ما حدث به من سوء ضبطه وتوانيه عن تصحيح ما كتب الوارقون له، وقال وكيع: خذوا من حديثه ما صح ودعوا ما غلط أو ما أخطأ فيه، وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي يحتج به، ويقول: كان يغلط ويخطئ وكان فيه لجاج، ولم يكن متهما بالكذب. قلت ــــ الباحث ــــ وحاصله أنه "صدوق سيء الحفظ" يُنظر "تهذيب الكمال" (٢٠/ ٥٠٤) قلت: فلعل الذهبي ضعف إسناد الحاكم لأجل عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ هذا مع أنه قد برأه منه في موضع آخر كما سبق بيان ذلك، والله أعلم.
(٢) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (٣٧٠١)، وأبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٢٠٤)، وفي "صفة الجنة" (١٤٠)، وابن الجوزي في "التبصرة" (١/ ٣٨٤)، وعبد الغني الجماعيلي في "أحاديثه" (٣٣)، وابن الأعرابي في "معجمه" (٢٠٠٥)، والبيهقي في "البعث والنشور" (٢١٤)، كلهم عَنْ عَدِي بْن الْفَضْلِ التيمي أبو حاتم البصري، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قلت ــــ الباحث ــــ وعَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ: متروك الحديث كما قال ابن حجر في "التقريب" (١/ ٣٢٨). قلت: لكن تابعه: وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ بن عجلان الباهلي كما عند البيهقي في "البعث والنشور" (٢٦١): ووُهَيْبُ هذا قال فيه ابن حجر في "التقريب" (١/ ٥١٥): ثقة ثبت لكنه تغير قليلاً بأخرةِ. قلت: قال المنذري في "الترغيب والترهيب" (٤/ ٢٨٢) أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَغَيره وَلَكِن وَقفه هُوَ الْأَصَح الْمَشْهُور. وقال الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٥٢٨) رَوَاهُ الْبَزَّارُ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِهِ، لَبِنَةً مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةً مِنْ فِضَّةٍ. وَالْبَاقِي بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُ الْمَوْقُوفِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَأَبُو سَعِيدٍ لَا يَقُولُ هَذَا إِلَّا بِتَوْقِيفٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>