للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣) أَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي أَبي إِسْحَاق السَّبِيْعِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: أَبو إِسْحَاق، عَنْ أَبِي بُرْدَة، عَنْ أَبِي مُوسَى موصولاً.

ورواه عَنْ أَبي إِسْحَاق بهذا الوجه: أَبُو عَوَانَة، وإسْرَائِيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، شريك، سُفْيَان الثوري، وشعبة، وقَيْس بْن الرَّبِيع، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِي، وزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة.

الوجه الثاني: أَبو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مُرسلاً.

ورواه عَنْ أَبِي إِسْحَاق بهذا الوجه: الثوري، وشعبة، وأَبُو الْأَحْوَص.

وعلي هذا ظهر لنا أنَّ مدار هذا الحديث علي أَبي إِسْحَاق، فرُوي عَنْه مرة، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى موصولاً. ورُوِي عنه مرة عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مُرسلاً.

وقد تنازع العلماء في أي الوجهين أصح الموصول أم المرسل.

فقَال التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى عِنْدِي أَصَحُّ، وَإِنْ كَانَ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ لَا يَذْكُرَانِ فِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى، مع أنهما أَحْفَظَ وَأَثْبَتَ مِنْ جَمِيعِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الحَدِيثَ، فَإِنَّ رِوَايَةَ هَؤُلَاءِ عِنْدِي أَشْبَهُ لِأَنَّ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيَّ سَمِعَا هَذَا الحَدِيثَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى سَمِعُوا فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَكان يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَدْ رَوَى هَذَا، عَنْ أَبِيهِ، وَقَدْ أَدْرَكَ يُونُسُ بَعْضَ مَشَايِخِ أَبِيهِ، فَهُوَ قَدِيمُ السَّمَاعِ وَإِسْرَائِيلُ قَدْ رَوَاهُ وَهُوَ أَثْبَتُ أَصْحَابِ أَبِي إِسْحَاقَ بَعْدَ شُعْبَةَ، وَالثَّوْرِيِّ. (١)

وقال البزار: والحديث لمن زاد إذا كان حافظاً، وإسرائيل حافظ عن أبي إسحاق، والحديث عندنا قد تواصلت به الأخبار في اتصاله ورفعه وإن قصر به مقصر فالخبر ثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. (٢)

وقَال ابن حبان: سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا، فَمَرَّةً كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ أَبِيهِ مُسْنِدًا، وَمَرَّةً يرسله، وسمعه أبو إسحاق من أَبِي بُرْدَةَ مُرْسَلًا وَمُسْنَدًا مَعًا، فَمَرَّةً كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ مَرْفُوعًا، وَتَارَةً مُرْسَلًا، فَالْخَبَرُ صَحِيحٌ مُرْسَلًا وَمُسْنَدًا مَعًا لَا شَكَّ، وَلَا ارْتِيَابَ في صحته. (٣)

وقال ابن عدي: والأصل في هذا الحديث مرسل، عن أبي بردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. (٤)

وروي الدارقطني بسنده عَنْ مُحَمَّد بْن مَخْلَد قال قِيلَ لِعَبْدِ الرَّحْمَن بن مهدي: إِنَّ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ يُوَقِّفَانِهِ


(١) يُنظر "سنن الترمذي" ٣/ ٣٩٩.
(٢) يُنظر "مسند البزار" ٨/ ١١٥.
(٣) يُنظر "صحيح ابن حبان" ٩/ ٣٩٥.
(٤) يُنظر "الكامل" لابن عدي ٧/ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>