للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِلَالٍ، والْمُفَضَّل بْن صَدَقَةَ، والدراوردي، وأَبُو أُوَيْس. كلهم عن جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ مرفوعاً.

الوجه الثاني: جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عَنْ أَبِيهِ مرسلاً. ولم يروه عن جعفر بهذا الوجه إلا: حَاتِم بْن إِسْمَاعِيلَ، ولم يروه عن حَاتِم إلا هيم بْن مُعَاوِيَة الزمراي، وهيم هذا مجهول، والله أعلم.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

١) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه عن جَعْفَرِ كثرة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الثاني.

٢) رواية الأحفظ: فقد رواه عن جَعْفَر جماعة من الحفاظ كمَالِك، والسُفْيَانين، والقطان.

٣) إخراج مسلم لهذا الوجه في صحيحه.

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ـــ الوجه الأول الراجح ـــ "إسناده صحيح".

قلت: وللحديث متابعة في صحيح مسلم كما سبق بيان ذلك في التخريج. (١)

خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَوْحٍ إِلَّا يَزِيدُ وَلَا عَنْ يَزِيدَ إِلَّا أُمَيَّةُ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْأَبَّارُ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: هَذَا دَلِيلٌ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ طَائِفٍ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُمَا واجبتان أم سنتان وَعِنْدَنَا فِيهِ خِلَافٌ حَاصِلُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا أَنَّهُمَا سُنَّةٌ وَالثَّانِي أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ وَالثَّالِثُ إِنْ كَانَ طَوَافًا وَاجِبًا فَوَاجِبَتَانِ وَإِلَّا فَسُنَّتَانِ وَسَوَاءٌ قُلْنَا وَاجِبَتَانِ أَوْ سُنَّتَانِ لَوْ تَرَكَهُمَا لَمْ يَبْطُلْ طَوَافُهُ وَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِي الْحِجْرِ وَإِلَّا فَفِي الْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَفِي مَكَّةَ وَسَائِرِ الْحَرَمِ وَلَوْ صَلَّاهُمَا فِي وَطَنِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَقَاصِي الْأَرْضِ جَازَ وَفَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ وَلَا تَفُوتُ هَذِهِ الصَّلَاةُ مَا دَامَ حَيًّا وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَطُوفَ أَطْوِفَةً اسْتُحِبَّ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَ كُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَطُوفَ أَطْوِفَةً بِلَا صَلَاةٍ ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَ الْأَطْوِفَةِ لِكُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ قَالَ أَصْحَابُنَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَلَا يُقَالُ مَكْرُوهٌ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا عَائِشَةُ وَطَاوُسٌ وابْنُ جُبَيْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو يُوسُفَ وَكَرِهَهُ ابن عُمَرَ وَالْحَسَن وَالزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حنيفة وابن الْمُنْذِرِ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاء. وقد ذكر الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- طَافَ بِالْبَيْتِ فَرَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ ثَلَاثًا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فِيهِمَا قُلْ يَا أَيُّهَا الكافرون وقل هو الله أحد. (٢)


(١) قال ابن عبد البر في "التمهيد" (٢٤/ ٤١٤) هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ رَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَجَمَاعَةٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ، وَطُرُقُهُ كَثِيرَةٌ جِدًّا صِحَاحٌ كُلُّهَا. وقال في "الدرر في اختصار المغازي والسير" (١/ ٢٦٠): أحسن حَدِيث فِي الْحَج وأتمه حَدِيث جَابر.
(٢) يُنظر "شرح مسلم" للنووي ٨/ ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>