للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢) المتابعات: فقد تُوبع عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ علي هذا الوجه كما سبق بيان ذلك.

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ـــ الوجه الأول المرجوح ـــ "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة الثقة لما رواه الثقات.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الوجه الراجح ــــ إسناده صحيح، والله أعلم.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ. وَلَا يُرْوَى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. (١)

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الرحمة والرضوان ولكن ذلك من حيث الوجه الأول المرجوح. وأما من حيث الوجه الثاني ـــــ الراجح ــــــ فقد رواه عَبْد الْعَزِيز الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن قدامة رحمه الله: يَجُوزُ الدُّخُولُ بِالْمَرْأَةِ قَبْلَ إعْطَائِهَا شَيْئًا، سَوَاءٌ كَانَتْ مُفَوِّضَةً أَوْ مُسَمًّى لَهَا. وَبِهَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ: لَا يَدْخُلُ بِهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا. قَالَ الزُّهْرِيُّ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَخْلَعُ إحْدَى نَعْلَيْهِ، وَيُلْقِيهَا إلَيْهَا، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ، أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَمَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لِي شَيْءٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أَعْطِهَا دِرْعَك. فَأَعْطَاهَا دِرْعَهُ، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا (٢). وَلَنَا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، فِي الَّذِي زَوَّجَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَدَخَلَ بِهَا وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا. وَلِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَلَمْ يَقِفْ جَوَازُ تَسْلِيمِ الْمُعَوَّضِ عَلَى قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ، كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ. وَأَمَّا الْأَخْبَارُ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْطِيَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ شَيْئًا، مُوَافَقَةً لِلْأَخْبَارِ، وَلِعَادَةِ النَّاسِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَلِتَخْرُجَ الْمُفَوِّضَةُ عَنْ شَبَهِ الْمَوْهُوبَةِ، وَلِيَكُونَ ذَلِكَ أَقْطَعَ لِلْخُصُومَةِ. وَيُمْكِنُ حَمَلُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسِ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، فَلَا يَكُونُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَرْقٌ. (٣)

وقال ابن حجر: وَالْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ الصَّدَاقَ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ وَأَنْفَعُ لِلْمَرْأَةِ فَلَوْ عَقَدَ بِغَيْرِ ذِكْرِ صَدَاقٍ صَحَّ وَوَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ بِالْعَقْدِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ أَنْفَعَ لَهَا أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى أَنْ لَوْ طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ. (٤)


(١) سيأتي تعليق المُصَنِف علي الحديث في الحديث التالي رقم (٧٤/ ٧٢٤).
(٢) أخرجه أبو داود في "سننه" ك/ النكاح ب/ في الرجل يدخل بامرأته قبلَ أن ينقُدَها شيئاً (٣/ ٤٦٤ رقم ٢١٢٦).
(٣) يُنظر "المغني" لابن قدامة ١٠/ ١٤٨، ١٤٧.
(٤) يُنظر "فتح الباري" لابن حجر ٩/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>