للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خامساً: التعليق علي الحديث:

يوصي النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في هذا الحديث الشريف بموعظة وجيزة جمع فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبلغ في الموعظة فقال لأصحابه: أكثروا ذكر هازم اللذات. أي أنه ينبغي علي الإنسان العاقل ألا يركن إلي الدنيا ومتعها ولذاتها وشهواتها بل ينبغي أن يكون علي تَذَكُرٍ دائم بالموت هذا الذي يقطع عليه حبل الأماني والتسويف والمعاصي فكلما أكثر الإنسان من التفكير في الموت وفي حاله ومآله ومصيره فإنه سوف يُبغض المعصية ويكره أن يركن ويميل إلي الدنيا وشهواتها ويري أن الدنيا كلها لا تساوي شيئاً وأنها فانية فيُعرض عنها ويوليها ظهره ويستعد للأخرة بالعمل الذي ينفعه ويكون زاداً له يبلغه جنة رب العالمين. فلا شك أنه كلما أكثر الإنسان من ذكر الموت كلما كان استعداده للأخرة أشد وإعراضه عن الدنيا أكبر. قال القرطبي رحمه الله: قال علماؤنا رحمة الله عليهم: قوله -صلى الله عليه وسلم-: أكثروا ذكر هادم اللذات: "الموت" فهذا كلام مختصرُ وجيزُ قد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة فإن من ذكر الموت حقيقةَ ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل وزهده فيما كان منها يؤمل، ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة تحتاج إلى تطويل الوعاظ، وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: أكثروا ذكر هادم اللذات، مع قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (١) ما يكفي السامع له، ويشغل الناظر فيه. (٢)


(١) سورة آل عمران آية رقم: ١٨٥.
(٢) يُنظر "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الأخرة" ١/ ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>