للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الحديث بالوجه الثاني ــ الراجح ــ فحديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَجْلَحِ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْمُثَنَّى بْنُ زُرْعَةَ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي: قَوْلُهُ: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلَا جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ إِلَى آخِرِهِ: السَّلَا بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ مَقْصُورٌ وَهُوَ اللِّفَافَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْوَلَدُ فِي بَطْنِ النَّاقَةِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ وَهِيَ مِنَ الْآدَمِيَّةِ الْمَشِيمَةُ. قَوْلُهُ: فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ: هُوَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشْكَالٌ فَإِنَّهُ يُقَالُ كَيْفَ اسْتَمَرَّ فِي الصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى ظَهْرِهِ؟

قال الْقَاضِي عِيَاض: هَذَا لَيْسَ بِنَجِسٍ لِأَنَّ الْفَرْثَ وَرُطُوبَةَ الْبَدَنِ طَاهِرَانِ وَالسَّلَا مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا النَّجِسُ الدَّمُ. قال النووي: وَهَذَا الْجَوَابُ يَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ رَوْثَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ نَجَاسَتُهُ وَهَذَا الْجَوَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ لِأَنَّ هَذَا السَّلَا يَتَضَمَّنُ النَّجَاسَةَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَنْفَكُّ مِنَ الدَّمِ فِي الْعَادَةِ وَلِأَنَّهُ ذَبِيحَةُ عُبَّادِ الْأَوْثَانِ فَهُوَ نَجِسٌ وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ وَجَمِيعُ أَجْزَاءِ هَذَا الْجَزُورِ.

قال النووي: وَأَمَّا الْجَوَابُ الْمَرْضِيُّ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَعْلَمْ مَا وُضِعَ عَلَى ظَهْرِهِ فَاسْتَمَرَّ فِي سُجُودِهِ اسْتِصْحَابًا لِلطَّهَارَةِ وَمَا نَدْرِي هَلْ كَانَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ فَرِيضَةً فَتَجِبُ إِعَادَتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَنَا أَمْ غَيْرَهَا فَلَا تَجِبُ فَإِنْ وَجَبَتِ الْإِعَادَةُ فالوقت موسع لها فإن قيل يبعد أن لا يُحِسُّ بِمَا وَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ قُلْنَا وَإِنْ أَحَسَّ بِهِ فَمَا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ نَجَاسَةٌ وَاللَّهُ أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>