للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما قوله: تَفَرَّدَ بِهِ: الْأَبَّارُ: فليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد به الْأَبَّار عن أُمَيَّة بْن بِسْطَامٍ، بل تابعه: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْبُوشَنْجِيُّ، عن أُمَيَّة بْن بِسْطَام كما سبق بيان ذلك في التخريج. والْبُوشَنْجِيُّ هذا قال فيه ابن حجر: ثقة حافظ فقيه. (١)

خامساً: التعليق علي الحديث:

في هذا الحديث دليل علي أن من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكون للفجر أذانين أذان قبله، وأذان بعد طلوعه وكان سيدنا بلال يؤذن الأذان الأول، وأما الأذان الثاني فَيُؤَذِنه ابن أم مكتوم -رضي الله عنه-، ومن المعلوم أن الصوم له تعلق بالفجر إذ الصيام فرضاً كان أم نفلاً يبدأ من طلوع الفجر. فأعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه إلي أن أذان الفجر الذي له تعلق بالصيام هو الأذان الثاني الذي به تجب صلاة الفرض - الفجر - ويبدأ به الصيام أيضاً فأعلمهم أن وقت الأكل والشرب ممدود إلي حين الأذان الثاني وأن أذان بلال الأول لا يتعلق به شئ من الأحكام كدخول وقت الصلاة أو ابتداء وقت الصيام ونحو ذلك. فقال -عليه السلام-: إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُوم. قال النووي رحمه الله: فِيهِ جَوَازُ الْأَذَانِ لِلصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَفِيهِ جَوَازُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ أَذَانَيْنِ لِلصُّبْحِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَالْآخَرُ بَعْدَ طُلُوعِهِ أَوَّلَ الطُّلُوعِ .. وَفِيهِ دَلِيلٌ لجواز الْأَكْلِ بَعْدَ النِّيَّةِ وَلَا تَفْسُدُ نِيَّةُ الصَّوْمِ بِالْأَكْلِ بَعْدَهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَبَاحَ الْأَكْلَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَجُوزُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا سَابِقَةٌ وَأَنَّ الْأَكْلَ بَعْدَهَا لَا يَضُرُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ غَيْرِنَا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَتَى أَكَلَ بَعْدَ النِّيَّةِ أَوْ جَامَعَ فَسَدَتْ وَوَجَبَ تَجْدِيدُهَا وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَهَذَا غَلَطٌ صَرِيحٌ. وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ السُّحُورِ وَتَأْخِيرِهِ. (٢)


(١) يُنظر "التقريب" صـ ٤٠١.
(٢) يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي ٧/ ٢٠٢ ــــــ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>