للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحَفْص بن غياث، ويَزِيدُ بْنُ هَارُون، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْنِ الْمُثَنَّى، ودَاوُدُ الطَّائِي، وجَعْفَرٌ الْأَحْمَر، وسويد بن عبد العزيز، وعَبْد الله بْنُ بَكْر بن حبيب الباهلي، ومَرْوَان بن معاوية الفزاري، وأَنَس بْن عِيَاض.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

١) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بالوجه الثاني كثرة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الأول.

٢) رواية الأحفظ: فقد رواه جماعة من الثقات الأثبات كالثوري، وزُهَيْر، ويَزِيد بْن هَارُون. وقد بينا أنَّ الوجه الأول عن الثوري خطأ وأنَّ الراجح عنه هو الوجه الثاني.

٣) إخراج البخاري لهذا الوجه في "صحيحه".

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" فيه: شريك بن عبد الله وذلك لمخالفته لما رواه الثقات. وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فحديث صحيح أخرجه البخاري في "صحيحه" مُختصراً ومُطولا كما سبق بيان ذلك في التخريج.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيث عَنْ شَرِيكٍ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ وَمِنْجَابٌ. (١)

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان. لكن لم أقف في حدود بحثي علي طريق مِنْجَاب.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قد تبين لنا مما سبق أنَّ حديث أَنَس -رضي الله عنه- ــــــ رواية الباب ــــــ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَبْزُقُ فِي ثَوْبِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَيَفْتِلُهُ بِإِصْبَعِهِ. لم يثبت عن أنس وأنه منكر كما سبق بيان ذلك. وإنما الذي ثبت عَنْ أنس أنه حكي فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا في تعليمه للصحابة وأنَّ ذلك كان خارج الصلاة فقد قال أنس أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى نُخَامَةً فِي القِبْلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَصَقَ فِيهِ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا. فتبين من هذا أنه يجوز للمصلي أن يبزق في ثوبه في الصلاة وأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أباح فعل ذلك للمصلي. قال ابن حجر: وفي الأحاديث المذكورة من الفوائد: الندب إلى إزالة ما يستقذر أو يتنزه عنه من المسجد. وتفقد الإمام أحوال المساجد وتعظيمها وصيانتها. وأن للمصلي أن يبصق وهو في الصلاة ولا تفسد صلاته. وفيها أن البصاق طاهر وكذا النخامة والمخاط خلافًا لمن يقول كل ما تستقذره النفس حرام. وفيها الحث على الاستكثار من الحسنات لكونه -صلى الله عليه وسلم- باشر الحك بنفسه وهو دال على عظم تواضعه زاده الله تشريفًا وتعظيمًا -صلى الله عليه وسلم-. (٢)


(١) سيأتي تعليق المُصَنِف علي الحديث في الحديث التالي (٤/ ٦٥٤).
(٢) يُنظر "فتح الباري" ١/ ٥١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>