للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (٢١).

ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح".

قلت: وقد أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما كما سبق بيان ذلك في التخريج.

رابعاً: التعليق علي الحديث:

قال القَاضِى عِيَاض: مذهب أهل السنة جواز الشفاعة عقلاً ووجوبها بصريح قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (١٠٩)} (١) وقوله تعالي: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} (٢) وأمثالها، وبخبر الصادق سَمْعاً، وقد جاءت الآثار التي بلغَت بمجموعها التواتُر بصحتها في الآخرة لمذنبي المؤمنين، وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السنة عليها، ومنعت الخوارج وبعض المعتزلة منها، وتأولت الأحاديث الواردة فيها واعتصموا بمذاهبهم في تخليد المذنبين في النار واحتجوا بقوله تعالي: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (١٨)} (٣) {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)} (٤) وهذه الآيات في الكفار، وتأولوا أحاديث الشفاعة في زيادة الدرجات وإجزال الثواب، وألفاظ الأحاديث التي في الكتاب وغيره تدل على خلاف ما ذهبوا إليه، وأنها في المذنبين وفى إخراج من استوجَبَ. لكن الشفاعة بمجموعها على خمسة أقسام: أولها: مختصةٌ بنبينا -صلى الله عليه وسلم- وهى الإراحةُ من هول الموقف وتعجيل الحساب، والثانية: في إدخال قوم الجنة دون حساب، وهذه أيضاً وردت لنبينا -صلى الله عليه وسلم-، والثالثة: قومٌ استوجبوا النارَ فيشفعُ فيهم نبينا ومن شاء الله له أن يشفع، والرابعة: فيمن دخل النار من المذنبين، فقد جاء في مجموع هذه الأحاديث إخراجهم من النار بشفاعة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وغيره من الأنبياء والملائكة وإخوانهم من المؤمنين، ثم يُخرج الله كل من قال: لا إله إلا الله، حتى لا يبقى فيها إلا الكافرون ومن حبسه القرآنُ ووجَب عليه الخلود، والشفاعة الخامسة: هي في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها، وهذه لا ينكرها المعتزلة، ولا تنكر شفاعة الحشر الأولى، وعُرِف بالنقل المستفيض سؤال السلف الصالح لشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورغبتهم فيها، وعلى هذا لا يُلتفَتُ لقول من قال: إنه يُكره أن تسأل الله أن يرزقك شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنها لا تكونُ إلا للمذنبين، فإنها قد تكون لتخفيف الحساب وزيادة الدرجات، ثم كل عاقل معترف بالتقصير محتاج إلى العفو غيرُ معتدٍّ بعمله مشفقٌ أن يكون من الهالكين، ويلزم هذا القائل ألا يدعو بالمغفرة والرحمة؛ لأنها لأصحاب الذنوب، وهذا كله خلاف ما عُرِفَ من دعاء السلف والخلف. (٥)


(١) سورة طه آية رقم: ١٠٩.
(٢) سورة الأنبياء آية رقم: ٢٨.
(٣) سورة غافر آية رقم: ١٨.
(٤) سورة المدثر آية رقم: ٤٨.
(٥) يُنظر "شَرْحُ صَحِيح مُسْلِمِ" المُسَمَّى إِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم لِلقَاضِى عِيَاض ١/ ٥٦٦، ٥٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>