للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ؛ فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ. (١)

قلت: إسناده ضعيف فيه شريك: صدوق يحسن حديثه إلا عند التفرد والمخالفة. وعمر بن ربيعة الإيادي قال فيه ابن حجر مقبول (٢)، لكن تابعه: أبو إسحاق السبيعي عن ابن بريدة كما عند أحمد. وأبو إسحاق هذا: ثقة مكثر اختلط بآخرة. (٣)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بشاهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، وذلك دون قوله لعلي: إِنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ كَنْزًا، وَإِنَّكَ ذُو قَرْنَيْهَا. فهي زيادة ضعيفة باقية علي أصلها من حيث الضعف.

قلت: وفي الباب كما عند مسلم من حديث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي. (٤)

رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيٍّ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: حَمَّادٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

خامساً: التعليق علي الحديث:

يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه وأتباعه في هذا الحديث في شخص سيدنا علي بن أبي طالب بغض البصر وألا يطلق الإنسان بصره في الحرام والنظر إلي الحرام وبما أن الأنسان قد يقع بصره علي شئ من هذا الحرام فجأة دون قصد أو تعمد منه فمن رحمة الله بعباده ألا يؤاخذهم علي هذا الشئ الذي وقع منهم سهواً أو بدون تعمد وقصد فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه النظرة الأولي وهي ما تسمي بنظرة الفجأة معفو عنها ولا يؤاخذ عليها أما إن أطلق الإنسان بصره مرة أخري وثالثة فهذا يؤاخذ عليه الإنسان لأنه يكون عن تعمد وقصد منه. قال الطحاوي رحمه الله: وَأَمَّا قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: فَلَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ " فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأُولَى تَفْجَؤُهُ بِلَا اخْتِيَارٍ لَهُ فِيهَا، فَلَا يَكُونُ مَأْخُوذًا بِهِ، وَلَا تَكُونُ مَكْتُوبَةً عَلَيْهِ، فَهِيَ لَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ " فَإِنَّ الْآخِرَةَ تَكُونُ بِاخْتِيَارِهِ لَهَا، فَهِيَ مَكْتُوبَةٌ عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ. (٥)


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٢٩٧٤، ٢٢٩٩١، ٢٣٠٢١)، وأبو داود في "سننه" ٢١٤٩، والترمذي في "سننه" ٢٧٧٧، وابن أبي الدنيا في "الورع" ٦٩، والحاكم في "المستدرك" ٢٧٨٨، والبيهقي في "الشعب" ٥٤٢١.
(٢) يُنظر "التقريب" صـ ٥٦٣.
(٣) يُنظر "التقريب" صـ ٣٦٠.
(٤) أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الآداب ب/ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ. رقم ٢١٥٩.
(٥) يُنظر "شرح مشكِل الآثار" للطحاوي ٥/ ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>