للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان يحنو على أهل الشعب، ويصلهم في السر، وكان جُبير موصوفاً بالحلم، ونبل الرأي كأبيه، وكان شريفاً، مطاعاً. (١)

ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: مُعَاوِيَة بْن يَحْيَى الصَّدَفِي: ضعيف الحديث خاصة فيما كان من رواية إسحاق بْن سُلَيْمان الرازي عنه، وهذا الحديث من رواية إسحاق بْن سُلَيْمان عنه.

قلت: لكن قد ثبت في الصحيح افتداء اليمين بالمال:

فقد أخرج البخاري في "صحيحه" بسنده عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَأَلَهُ عَنْ الْقَسَامَةِ، فَذَكَرِ حَدِيثَ الْقَسَامَةِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعُوا خَلِيعًا لَهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ اليَمَنِ بِالْبَطْحَاءِ، فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ، فَأَخَذُوا اليَمَانِيَّ فَرَفَعُوهُ إِلَى عُمَرَ بِالْمَوْسِمِ، وَقَالُوا: قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقَالَ: إِنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ، فَقَالَ: يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ، قَالَ: فَأَقْسَمَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا، وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنَ الشَّامِ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقْسِمَ، فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلًا آخَرَ. (٢)

وعَن عَبْد الرَّزَّاق، عَن مَعْمَرٌ قَالَ: سُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنِ الرَّجُلِ يَقَعُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، فَيُرِيدُ أَنْ يَفْتَدِي يَمِينَهُ؟ قَالَ: «قَدْ كَانَ يُفْعَل، قَدِ افْتَدَى عُبَيْدٌ السهَامَ فِي إِمَارَةِ مَرْوَانَ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالْمَدِينَةِ كَثِيرٌ، افْتَدَى يَمِينَهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ». (٣)

رابعاً: التعليق علي الحديث:

قال ابن قدامة رحمه الله: من توجهت عليه يمين هو فيها صادق، أو توجهت له، أبيح له الحلف، ولا شيء عليه من إثم ولا غيره؛ لأن الله تعالى شرع اليمين، ولا يشرع محرماً. وقد أمر الله تعالى نبيه -عليه السلام-، أن يقسم على الحق، في ثلاثة مواضع من كتابه. وحلف عمر لأُبي على نخيل، ثم وهبه له، وقال: خفت إن لم أحلف أن يمتنع الناس من الحلف على حقوقهم، فتصير سنة.

واختلف في الأولى، فقال قوم: الحلف أولى من افتداء يمينه؛ لأن عمر حلف ولأن في الحلف فائدتين؛ إحداهما: حفظ ماله عن الضياع، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن إضاعته. والثانية، تخليص أخيه الظالم من ظلمه، وأكل المال بغير حقه، وهذا من نصيحته ونصرته بكفه عن ظلمه، وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- على رجل أن يحلف ويأخذ حقه. وقال أصحابنا: الأفضل افتداء يمينه؛ فإن عثمان افتدى يمينه، وقال: خفت أن تصادف قدراً، فيقال حلف فعوقب، أو هذا شؤم يمينه. ولأن في اليمين عند الحاكم تبذلاً، ولا يأمن أن يصادف قدراً، فيُنسب إلى الكذب، وأنه عوقب بحلفه كاذباً، وفي ذهاب ماله له أجر، وليس هذا تضييعاً للمال، فإن أخاه المسلم


(١) "معجم الصحابة" للبغوي ١/ ٥١٦، "معجم الصحابة" لابن قانع ١/ ١٤٧، "معرفة الصحابة" لأبو نعيم ٢/ ٥١٨، "الاستيعاب" ١/ ٢٣٢، "أسد الغابة" ١/ ٥١٥، "تهذيب الكمال" ٤/ ٥٠٦، "السير" ٣/ ٩٥، "الإصابة" ٢/ ١٦٨.
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الديات ب/ القَسَامَةِ (٩/ ٩ رقم ٦٨٩٩).
(٣) أخرجه عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" ك/ الْأَيْمَانُ وَالنُّذُورُ ب/ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّكْفِيرُ (٨/ ٥٠٢ رقم ١٦٠٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>