للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١) رواية الأحفظ: فرواة الوجه الثاني أحفظ وأوثق من رواة الوجه الأول.

٢) أنَّ حَمَّاد بْن زَيْد ممن روي عَن عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قبل الاختلاط وعلي ذلك فحديثه عنه صحيح، وذلك بخلاف رَاوِيَا الوجه الأول فممن رووا عن عطاء بعد الاختلاط وعلي ذلك فحديثهم عنه ضعيف.

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" فيه: عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْس وذلك لمخالفته لما رواه الثقات.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فموقوف إسناده صحيح.

قلت: وقد ثبت الحديث في الصحيحين بهذا المعني ومن ذلك: حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، وَيَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ، قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ، أَوْ قَالَ: التَّسْبِيد. (١)

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ حَلَاقِيمَهُمْ، يَخْرُجُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ. (٢)

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَطَاء بْن السَّائِبِ إِلَّا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه -رضي الله عنه- فلم يتفرد به عَمْرُو بْن أَبِي قَيْسٍ عَن عَطَاء بل تابعه: خَلَف بن خليفة، عَن عَطَاءِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ ابْن مَسْعُود مرفوعاً. كما سبق بيان ذلك في التخريج.

سادساً: شرح الغريب:

قال ابن الأثير رحمه الله: قوله فِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ يقرأُون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوز تَرَاقِيَهُمْ: التَّرَاقِي: جَمْعُ تَرْقُوَة، وَهِيَ العَظْم الَّذِي بَيْنَ ثُغْرة النَّحر والعَاتِق. وَهَمَّا تَرْقُوَتَان مِنَ الجانِبَين. وَوَزْنها فَعْلُوَة بِالْفَتْحِ. وَالْمَعْنَى أنَّ قِراءتهم لَا يرفعُها اللَّهُ وَلَا يَقبَلها، فَكَأَنَّهَا لَمْ تتَجاوز حُلوقَهُم. وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يَعْملون بِالْقُرْآنِ وَلَا يُثَابُونَ عَلَى قِرَاءَتِهِ، فَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ غَيْرُ الْقِرَاءَةِ. (٣)

سابعاً: التعليق علي الحديث:

قال ابن عبد البر: مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَقُولُ لَا يَنْتَفِعُونَ بِقِرَاءَتِهِ كما لا ينتفع الآكل والشارب من


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ التوحيد ب/ بَابُ قِرَاءَةِ الفَاجِرِ وَالمُنَافِقِ، وَأَصْوَاتُهُمْ لَا تُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ (٩/ ١٦٢ رقم ٧٥٦٢).
(٢) أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ الْخَوَارِجُ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ (٢/ ٧٥٠ رقم ١٠٦٧).
(٣) يُنظر "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير ١/ ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>