للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَدَقَةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ. (١) (٢)

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ. (٣)

وعلي ذلك فيرتقي الحديث بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ لَيْثٍ إِلَّا عَبْدُ الْوَارِث.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلم يتفرد عَبْد الْوَارِثِ بْن سَعِيدٍ برواية هذا الحديث عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ بل تابعه: شَيْبَانُ بْن عَبْد الرَّحْمَنِ فكلاهما أخرجا الحديث بتمامه.

وأما عَبْد السَّلَام بْن حَرْب ــــ ثالثهم ــــ فأخرج الحديث بجزئه الأول فقط.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قوله -صلى الله عليه وسلم-: ليس فيما دون خمس ذود صدقة يعني: ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة، فإذا ملك الإنسان أربعاً من الإبل فلا زكاة فيها؛ لأنها لم تبلغ النصاب، ولكنها إذا بلغت خمساً وحال عليها الحول فإنها تزكى، وقد جاء أن مقدار الزكاة في الخمس شاة، فزكاة الخمس من الإبل من غير جنسها. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: وليس فيما دون خمس أواق صدقة. هذا فيه بيان نصاب الورق وهي الفضة، والأوقية أربعون درهماً، والخمس أواق مائتا درهم، فنصاب الفضة مائتا درهم، وقد ذهب الدكتور/ يوسف القرضاوي إلي أن نصاب الفضة الآن هو ما يساوي ٥٩٥ جراماً من الفضة فمن ملك هذا النصاب وجب عليه إخراج ربع العشر منه. وأن نصاب الذهب ما يساوي ٨٥ جراماً من الذهب فمن ملك هذا النصاب وجب عليه إخراج ربع العشر منه. لكن بماذا نحدد النصاب في عصرنا .. بالذهب أم الفضة؟ فقال الدكتور القرضاوي ما ملخصه: ذهب فريق من العلماء إلي أن تقدير النصاب يجب أن يكون بالفضة، وذهب فريق آخر إلى أن تقدير النصاب يجب أن يكون بالذهب، وذلك أن الفضة تغيرت قيمتها بعد عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بعده، أما الذهب فاستمرت قيمته ثابتة إلى حد بعيد، ولم تختلف قيمة النقود الذهبية باختلاف الأزمنة، لأنها وحدة التقدير في كل العصور وهذا ما اختاره الأساتذة: أبو زهرة وخلاف وحسن في بحثهم عن الزكاة. ومال الدكتور القرضاوي إلي هذا الرأي فقال:


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ زَكَاةِ الوَرِقِ (١٤٤٧)، وفي ك/ الزكاة ب/ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ (١٤٥٩)، وفي ك/ الزكاة ب/ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ (١٤٨٤)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الزَّكَاةِ (٩٧٩).
(٢) قَالَ الشَّافِعِيُّ في "الأم" ٣/ ٧٦: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَلَيْسَ يُرْوَى مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إلَّا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَإِذَا كَانَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ وَاحِدٌ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَبُولُ خَبَرٍ وَاحِدٍ بمَثِّلُهُ حَيْثُ كَانَ، وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" ٩/ ١١: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَا تُوجَدُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ دُونَ سائر الصحابة.
(٣) أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الزَّكَاةِ (٢/ ٦٧٥ رقم ٩٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>