للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويبدو لي أن هذا القول سليم الوجهة، قوي الحجة، فبالمقارنة بين الأنصبة المذكورة في أموال الزكاة كخمس من الإبل، أو أربعين من الغنم، أو خمسة أوسق من الزبيب أو التمر، نجد أن الذي يقاربها في عصرنا هو نصاب الذهب لا نصاب الفضة. إن خمس إبل أو أربعين شاة تساوى قيمتها نحو أربعمائة دينار أو جنيه، أو أكثر، فكيف يعد الشارع من يملك أربعًا من الإبل أو تسعًا وثلاثين من الغنم فقيرًا، ثم يوجب الزكاة على من يملك نقدًا لا يشترى به شاة واحدة؟ وكيف يعتبر من يملك هذا القدر الضئيل من المال غنيًا؟.

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: وليس فيما دون خمس أوسقٍ صدقة. والوسق ستون صاعاً، والخمسة أوسق ثلاثمائة صاع، والصاع (٢١٧٦) وعلي هذا فالخمسة أوسق تساوي بالوزن ٦٥٣ ك. جم. أي أربعة أرادب بالكيل المصري.

قال ابن حجر رحمه الله: اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الزُّرُوعَ لَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَجِبُ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ (١). وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْحَدِيثُ لِلْقَدْرِ الزَّائِدِ عَلَى الْمَحْدُود. (٢)


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ العُشْرِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ، وَبِالْمَاءِ الجَارِي (٢/ ١٢٦ رقم ١٤٨٣) عَن ابن عمر، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ».
(٢) يُنظر "فتح الباري" لابن حجر ٣/ ٣١١، "فقه الزكاة" للدكتور/ يوسف القرضاوي ١/ ٣٧١، ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>