للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هُرَيْرَةَ هو الأشبه. (١)

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" فيه: إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْمُهَاجِر ضعيف وخالف الثقات كما في رواية الوجه الثالث. وكذلك الحديث بالأوجه الأخري عدا الوجه الثالث فكلها أوجه ضعيفة أو مرجوحة بأوجه أخري.

وأما الحديث بالوجه الثالث ــــ الراجح ــــ "إسناده صحيح".

قلت: ومع ما ذهبنا إليه من صحة هذا الحديث بأحد أوجهه إلا أنه قد ذهب بعض العلماء إلي أنَّ هذا الحديث باطل بكل طرقه ولا يصح منها شئ وذلك لمخالفته لما جاء في أصول الشريعة ومن ذلك قول الله تعالي {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٢)

فقال السيوطي: لَا يَصِّحُ. (٣) وقال الفيروز آبادي: ولد الزنا لا يدخل الجنة لم يثبت بل هو باطل. (٤)

وقال ابن عراق: أعله الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو نعيم بِالِاضْطِرَابِ، وَأَيْضًا فَهُوَ مُخَالف لقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وَلقَوْله: ولد الزِّنَا لَيْسَ عَلَيْهِ من إِثْم أَبَوَيْهِ شَيْء، أخرجه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عَائِشَة، قَالَ السخاوي وَسَنَده جيد وَالله أعلم. (٥)

وقال الملا علي القاري: وَلَدُ الزِّنَا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّة يَدُورُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ بِالسُّنَّةِ بَلْ قَالَ الْقَاضِي مَجْدُ الدِّينِ الشِّيرَازِيُّ فِي سِفْرِ السَّعَادَةِ هُوَ بَاطِلٌ. (٦)

وقال ابن الجوزي: لَيْسَ فِي هَذِه الْأَحَادِيث شئ يَصح. ثُمَّ أَي ذَنْب لولد الزِّنَا حَتَّى يمنعهُ من دُخُول الْجَنَّة. فَهَذِهِ الْأَحَادِيث تخَالف الْأُصُول، وَأَعْظَم مَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. (٧)

بينما ذهب بعض العلماء إلي تأويل هذا الحديث علي فرض صحته. قلت: وهذا هو الذي يتفق مع ما ذهبنا إليه من صحة الحديث والله أعلم.

فقال الطحاوي: تَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إذْ كَانَ مَا فِيهِ مُضَافًا إلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ أُرِيدَ بِهِ مَنْ تَحَقَّقَ بِالزِّنَى حَتَّى صَارَ غَالِبًا عَلَيْهِ، فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ، فَيُقَالَ: هُوَ ابْنٌ لَهُ كَمَا يُنْسَبُ الْمُتَحَقِّقُونَ بِالدُّنْيَا إلَيْهَا، فَيُقَالُ لَهُمْ بَنُو الدُّنْيَا؛ لِعِلْمِهِمْ لَهَا وَتَحَقُّقِهِمْ بِهَا


(١) يُنظر "العلل" للدارقطني ٩/ ١٠١.
(٢) سورة الإسراء آية رقم: ١٥.
(٣) يُنظر "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" للسيوطي ٢/ ١٦٤
(٤) يُنظر "رسالة في بيان ما لم يثبت فيه حديث صحيح من الأبواب" ١/ ٤.
(٥) يُنظر "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة" ٢/ ٢٢٨.
(٦) يُنظر "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" ١/ ٣٧٨.
(٧) يُنظر "الموضوعات" لابن الجوزي ٣/ ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>