للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعليه فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

١) رواية الأكثر عدداً: فراوه بالوجه الثاني الجماعة، وهذا بخلاف الوجه الأول فلم يروه سوي الوليد.

٢) أنَّ الوليد بن مسلم رواه بكلا الوجهين فيرجح من روايته ما وافق فيه رواية الجماعة.

٣) أنَّ الوليد بن مسلم اختلف عليه في رواية الوجه الأول لذلك قال ابن حجر: علته الاضطراب.

٤) ترجيح الأئمة لهذا الوجه:

- قال ابن عساكر: وقول الجماعة هو الصواب. (١) قلت: يقصد بذلك الوجه الثاني.

- وقد رجح أبو حاتم الوجه الثاني كما رواه عنه ابنه. (٢)

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ـــ الوجه الأول المرجوح ـــ "شاذ" لمخالفة الوليد بن مسلم لمن هو أوثق منه.

وأما الحديث بالوجه الثاني ـــ الراجح ـــ فإسناده صحيح، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

خامساً: النظر في كلام المُصنف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بِشْرٍ إِلَّا نَصْرٌ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

سادساً: التعليق علي الحديث:

في هذه الأزمان التي نعيش فيها نجد بين الفينة والأخرى من يتطاول علي صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وينتقص من قدرهم وفي الحقيقة هؤلاء قوم من الهمج الرعاع الذين يتبعون كل ناعق ويسيرون علي خطي أسلافهم من المستشرقين الذين يريدون أن يشككوا المسلمين في دينهم وفي حملة هذا الدين ونقلته ولكن نقول لهم ولأمثالهم كما قال القائل يا ناطح الجبل الأشم لتكلمه أشفق علي الرأس لا تشفق علي الجبل. ومن هؤلاء الصحابة الذين تطاولوا عليهم سيدنا معاوية بن سفيان -رضي الله عنه- فكان هذا الحديث من ثناء الرسول -صلى الله عليه وسلم- عليه ودعاءه له شوكة في حلوقهم. قال ابن تيمية رحمه الله: لم يكن من ملوك الإسلام ملك خيراً من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيراً منهم في زمن معاوية، إذا نسبت أيامه إلى من بعده. وإذا نسبت إلى أيام أبي بكر، وعمر ظهر التفاضل. وقال قتادة: لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم: هذا المهدي. وروى الأثرم: حدثنا أحمد بن جوّاس، حدثنا أبو هريرة المكتب قال: كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله، فقال الأعمش: فكيف لو أدركتم معاوية؟ قالوا: في حلمه؟ قال: لا والله، بل في عدله. وهذه الشهادة من هؤلاء الأئمة الأعلام لأمير المؤمنين معاوية صدى استجابة الله -عز وجل- دعاء نبيه -صلى الله عليه وسلم- لهذا الخليفة الصالح يوم قال: -صلى الله عليه وسلم- اللهم اجعله هادياً مهدياً، واهد به. وهو من أعلام النبوة. (٣)


(١) يُنظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر ٥٩/ ٨٤.
(٢) يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم" ٦/ ٣٨٠.
(٣) يُنظر "منهاج السنة" لابن تيمية ٣/ ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>