للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- وقال ابن حجر: رُوي من طرق، عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن أبيه، ومنهم من لم يقل عن أبيه، ومنهم من قال: عن أبي إسحاق، عن أبي فروة، والصواب عن فروة عن أبيه، وهكذا أخرجه أبو داود، والنسائي، من رواية زهير بن معاوية، والترمذي، والنسائي أيضا من رواية إسرائيل، كلاهما عن أبي إسحاق مجوداً، وفيه على أبي إسحاق اختلاف. وهذا هو المعتمد. (١)

قلت: وقد ذهب ابن عبد البر إلي أنَّ الحديث مضطرب فقال: حديث كثير الاضطراب. (٢)

فقال ابن حجر: زعم ابن عبد البر بأنه حديث مضطرب، وليس كما قال، بل الرواية التي فيها عن أبيه أرجح، وهي الموصولة، رواته ثقات فلا يضره مخالفة من أرسله، وشرط الاضطراب أن تتساوى الوجوه في الاختلاف، وأما إذا تفاوتت فالحكم للراجح بلا خلاف. (٣)

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" فيه: شريك بن عبد الله: سيء الحفظ ويخطئ كثيراً وقد اضطرب في هذا الحديث فرواه بأكثر من وجه.

وأما الحديث بالوجه الثاني ـــ الراجح ـــ إسناده صحيح.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ فَرْوَةَ عَنْ جَبَلَةَ إِلَّا شَرِيكٌ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال الصنعاني رحمه الله: قوله -صلى الله عليه وسلم-: إذا أخذت مضجعك من الليل: أي إذا أردت أو إذا اضطجعت. فاقرأ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ: أي السورة المسماة بهذه الجملة لا هذا اللفظ وحده كما يصرح به قوله ثم نم على خاتمتها: أي اجعلها آخر أذكار المنام. فإنها براءة من الشرك: أنث الضمير؛ لأنه أراد بيا أيها الكافرون السورة لا هذا اللفظ إما لأنه قد صار علماً لها أو لأنه اقتصر عليه، والمراد به السورة للعلم بذلك، والمراد أنها تبري قائلها من الشرك لأنها اشتملت على نفي عبادة ما يعبده المشركون بأبلغ عبارة وأوفى تأكيد فإنه نفى عبادته لما يعبدونه بالجملة الفعلية المضارعية ليفيد الحال والاستقبال فقال: لَا أَعْبُدُ: أي في الحال والاستقبال ثم نفاه بالجملة الإسمية لما عبدوه فيما مضى فقال: وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ. كما نفى عبادتهم لما يعبده بالجملة الإسمية في الطرفين ما يعبدونه في الحال والاستقبال. وفي هذه السورة مباحث شريفة ذكرها الإِمام ابن قيم الجوزية في كتابه بدائع الفوائد. ولما كان النوم أخاُ للموت حسن النوم على أكمل براءة من الشرك. (٤)


(١) يُنظر "الإصابة" ١٤/ ٤٨٠.
(٢) يُنظر الاستيعاب" لابن عبد البر ٢/ ٤١٩.
(٣) يُنظر "الإصابة" ١١/ ١٤٣.
(٤) يُنظر "التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ" للصنعاني ١/ ٥١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>