للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْخُرَاسَانِي هذا قال فيه ابن حجر: صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس. (١)

قلت: وللحديث شواهد في الصحيحين: فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ أُم سُلَيْم سَأَلَتْ نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَلْتَغْتَسِلْ. (٢)

وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: نَعَمْ إِذَا رَأَتِ المَاءَ. (٣)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

رابعاً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُمَارَةَ إِلَّا عَلِيٌّ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد به عَلِي بْن عُثْمَان اللَّاحِقِي، عَن عُمَارَة بْن رَاشِد. بل تابعه: إِسْحَاق بْن إِدْرِيسَ الْأُسْوَارِيُّ كما سبق بيان ذلك في التخريج. وإِسْحَاق هذا قال فيه البخاري: تركه الناس. وقال أبو زرعة: واهٍ. وقال الدارقطني: منكر الحديث. وقال ابن معين: كذاب يضع الحديث. (٤)

خامساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث حكماً هاماً من أحكام هذا الدين وهو حكم يتعلق بأحكام الغسل وهذا أمر هام جداً يحتاج إليه كل مسلم ومسلمة لأنه يتوقف عليه صحة العبادات من عدمها وقد كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسألونه في أمور دينهم أياً كانت ولا يتحرجون من ذلك حرصاً علي إرضاء ربهم وطاعة رسولهم -صلى الله عليه وسلم- فحينما سُئِلَ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: «هِيَ مِثْلُ الرَّجُلِ، إِذَا أَنْزَلَتِ اغْتَسَلَتْ، وَإِنْ لَمْ تُنْزِلْ لَمْ تَغْتَسِلْ». فيبين لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن المرأة إذا خرج منها المني وجب عليها الغسل كما يجب على الرجل بخروجه، وقد اتفق الفقهاء على وجوب الغسل على الرجل والمرأة بخروج المني حتي ولو كان نائماً ولم يشعر بذلك. أما ما لم يخرج منه المني فلا يجب عليه الغسل وذلك كأن يرى النائم أنه يجامع وأنه قد أنزل ثم يستيقظ فلا يرى شيئاً فلا غسل عليه بإجماع الفقهاء. (٥)


(١) يُنظر "التقريب" صـ ٣٣٢.
(٢) أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْهَا (١/ ٢٥٠ رقم ٣١١).
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الغسل ب/ إِذَا احْتَلَمَتِ المَرْأَة (١/ ٦٤ رقم ٢٨٢)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْهَا (١/ ٢٥١ رقم ٣١٣).
(٤) يُنظر "ميزان الاعتدال" ١/ ١٨٤.
(٥) يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي ٣/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>