للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فعَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقٌ بن سلمة، عَنْ ابْنِ مَسْعُود، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ. (١)

وعلي هذا فيرتقي الحديث من وجهه الراجح بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ صَالِحٍ إِلَّا مَيْمُونٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: كَثِيرُ بْنُ يَحْيَى.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قَوْله -صلى الله عليه وسلم-: سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ. السَّبُّ فِي اللُّغَةِ الشَّتْمُ وَالتَّكَلُّمُ فِي عِرْضِ الْإِنْسَانِ بِمَا يَعِيبُهُ وَالْفِسْقُ فِي اللُّغَةِ الْخُرُوجُ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الشَّرْعِ الْخُرُوجُ عَنِ الطَّاعَةِ وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَسَبُّ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَفَاعِلُهُ فَاسِقٌ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَمَّا قِتَالُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يَكْفُرُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ كُفْرًا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الْمِلَّةِ إِلَّا إِذَا اسْتَحَلَّهُ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَقِيلَ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا: أَنَّهُ فِي الْمُسْتَحِلِّ. وَالثَّانِي: أَنَّ المراد كفر الاحسان والنعمة وأخوة الاسلام لا كفر الجحود. والثالث: أنه يؤول إِلَى الْكُفْرِ بِشُؤْمِهِ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ كَفِعْلِ الْكُفَّارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ إِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قِتَالِهِ الْمُقَاتَلَةُ الْمَعْرُوفَةُ. قَالَ الْقَاضِي: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمُشَارَّةُ وَالْمُدَافَعَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (٢)


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الإيمان ب/ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ (٤٨). وفي ك/ الأدب ب/ مَا يُنْهَى مِنَ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ (٦٠٤٤)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الإيمان ب/ بَيَانِ قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ (٦٤).
(٢) يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي ٢/ ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>