للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتَرْكِهِمْ مَا سِوَاهَا، وَكَمَا قَدْ قِيل لِلْمُتَحَقِّقِ بِالْكَلَامِ: ابْنُ الْأَقْوَالِ، وَكَمَا قِيلَ لِلْمُسَافِرِ: ابْنُ سَبِيلٍ. فَمِثْلُ ذَلِكَ ابْنُ زِنْيَةٍ، قِيلَ لِمَنْ قَدْ تَحَقَّقَ بِالزِّنَى حَتَّى صَارَ بِتَحَقُّقِهِ بِهِ مَنْسُوبًا إلَيْهِ، وَصَارَ الزِّنى غَالِبًا عَلَيْهِ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِهَذِهِ الْمَكَانِ الَّتِي فِيهِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ مَنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الزِّنَى الَّذِي هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ الزِّنَى. (١)

وقَالَ الرَّافِعِيّ فِي تَارِيخ قزوين رَأَيْت بِخَط الْإِمَام أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل الطَّالقَانِي سَأَلَني بعض الْفُقَهَاء فِي الْمدرسَة النظامية بِبَغْدَاد عَمَّا ورد فِي الْخَبَر أَن وُلِد الزِّنَا لَا يدْخل الجَنَّة وَهُنَاكَ جمع من الْفُقَهَاء فَقَالَ بَعضهم هَذَا لَا يَصح {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وَذكر أَن بَعضهم قَالَ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذا عمل عمل أصليه وارتكب الْفَاحِشَة لَا يدْخل الجَنَّة وزيف ذَلِكَ بِأَن هَذَا لَا يخْتَص بِولد الزِّنَا بل حَال الرشدة مثله ثُمّ فتح اللَّه عَلَى جَوَابا شافيًا لَا أَدْرِي هَلْ سبقت إِلَيْهِ فَقلت مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يدْخل الجَنَّة بِعَمَل أصليه بِخِلَاف ولد الرشد فَإنَّهُ إِذا مَاتَ طفْلا وَأَبَوَاهُ مُؤْمِنَانِ الْحق بهما وَبلغ درجتهما بصلاحهما عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (٢) وَولد الزِّنَا لَا يدْخل الجَنَّة بِعَمَل أصليه أما الزَّانِي فنسبه مُنْقَطع وأمّا الزَّانِيَة فشؤم زنَاهَا وَإِن صلحت يمْنَع منْ وُصُول بركَة صَلَاحهَا إِلَيْهِ انْتهى. (٣)

وقال السخاوي: حَدِيث: لا يَدْخُلُ الجنة ولد زنية، زعم ابن طاهر وابن الجوزي أن هذا الحديث موضوع، وليس بجيد، وقال شيخنا: وقد فسره العلماء على تقدير صحته، بأن معناه: إذا عمل بمثل عمل أبويه، وزيفه الطالقاني بأنه لا يختص بولد الزنا، فولد الرِّشْدة كذلك، واتفقوا على أنه لا يحمل على ظاهره، لقوله تعالى {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. وقال في تأويله أيضاً: إن المراد به من يواظب الزنا، كما يقال للشجعان بنو الحرب، ولأولاد المسلمين بنو الإسلام. (٤)

وقال ابن عراق: وَأجِيب بأجوبة أُخْرَى مِنْهَا أَن يكون سبق فِي علم الله أَن ولد الزِّنَا ونسله يَفْعَلُونَ أفعالاً مُنَافِيَة لدُخُول الْجنَّة فَيكون عدم دُخُولهمْ لتِلْك الْأَفْعَال، لَا لزنا أَبَوَيْهِ، وَمِنْهَا إبقاؤه على ظَاهره وَيكون المُرَاد التنفير عَن الزِّنَا وَالله أعلم. (٥)

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا عَمْرٌو.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.


(١) "شرح مشكل الآثار" للطحاوي ٢/ ٣٧١.
(٢) سورة الطور آية رقم: ٢١.
(٣) يُنظر "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" ٢/ ١٦٤.
(٤) يُنظر "المقاصد الحسنة" ١/ ٤٧٠.
(٥) يُنظر "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة" ٢/ ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>