وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ "إسناده ضعيف" فيه: مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْن مسكين أَبُو غَزِيَّةَ:
قلت: لكن تُوبع أَبُو غَزِيَّة علي هذا الوجه فتابعه: مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ. وهذه المتابعة أخرجها البخاري في "صحيحه" كما سبق بيان ذلك.
وعلي هذا فالحديث بالوجه الثاني ـــ الراجح ـــ يرتقي بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره.
هذا الحديث من الأحاديث والسنن الفعلية الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو أنَّ سيدنا عبد الله بْن عُمَر قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جَالِسًا فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ مُحْتَبِيًا بِيَدَيْهِ. أي: جالسَا بحيث يكون ركبتاه منصوبتين وبطن قدميه على الأرض، ويداه موضوعتين على ساقيه. قال بعض العلماء: والمراد بهذا سنية الاحتباء في الجلوس. ورد عليهم آخرون بأنَّ الظاهر أن سنيته لا تحصل بمجرد هذا الفعل، بل هو بيان الجواز ودليل الاستحباب. قال ابن حجر رحمه الله: قَوْلُهُ مُحْتَبِيًا بِيَدِهِ: يُسْتَثْنَى مِنَ الِاحْتِبَاءِ بِالْيَدَيْنِ مَا إِذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَاحْتَبَى بِيَدَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمْسِكَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى كَمَا وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَضْعِ إِحْدَاهُمَا عَلَى رُسْغِ الْأُخْرَى وَلَا يُشَبِّكُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِك. (١)