للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي سَعِيد بْن جُبَيْر، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مرفوعاً.

ورواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بهذا الوجه: حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ.

الوجه الثاني: سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مرفوعاً.

ورواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بهذا الوجه: حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ الأسدي.

وقد تابع سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ علي هذا الوجه: طَاوُس بن كيسان عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ. وهذه المتابعة أخرجها الشيخان في صحيحيهما كما سبق بيان ذلك.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك لما يلي:

١) المتابعات: فقد تابع سَعِيد بْن جُبَيْر علي الوجه الثاني: طَاوُس بن كيسان، عَنِ ابْنِ عَبَّاس.

٢) إخراج الشيخان لهذا الوجه في صحيحيهما: فقد أخرجاه بسنديهما عَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّاب، وليس عَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ فقط كما هو الحال في الوجه الأول.

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" وذلك: لمخالفة الثقة ـــــ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ ـــــ في روايته للحديث عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. في حين أن الوجه الراجح هو ثبوت الحديث عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. قلت: وفيه أيضاً: الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ: ضعيف.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فإسناده صحيح: وله متابعات أخرجها الشيخان في صحيحيهما عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كما سبق بيان ذلك في التخريج.

قلت: وللحديث شاهد أيضاً في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا. (١)

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ إِلَّا جَرِيرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

سادساً: شرح الغريب:

قال البغوي رحمه الله: قَوْلُهُ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ: أَيْ: عَادَاهُمُ اللَّهُ، وَقِيلَ: لَعَنَهُمُ اللَّهُ. (٢)


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ البيوع ب/ لَا يُذَابُ شَحْمُ المَيْتَةِ وَلَا يُبَاعُ وَدَكُهُ (٣/ ٨٢ رقم ٢٢٢٤)، ومسلم في "صحيحه" ك/ المساقاة ب/ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ. (٣/ ١٢٠٨ رقم ١٥٨٣) من طُرق، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَن سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(٢) يُنظر "شرح السنة" للبغوي ٨/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>