للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الحديث محفوظ بالوجه الأول، والثاني، وذلك للقرائن الأتية:

١) إخراج البخاري، ومسلم لكلا الوجهين في صحيحيهما كما سبق بيان ذلك في التخريج.

٢) أن هذا يُحتمل من الزهري وخاصة أن الزهري كان كثيرُ الرواية فيحتمل منه تعدد الأسانيد للحديث الواحد.

٣) رواية الأكثر عدداً لكلا الوجهين، وهذا بخلاف الوجه الثالث فلم يروه عن الزهري إلا معمر من إحدى الأوجه عنه، لذا قال الدارقطني: وَحَدِيثُ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ عن الزهري عن عروة خَطَأٌ.

٤) ترجيح الأئمة لكلا الوجهين:

- قال الدارقطني: وَحَدِيثُ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ خَطَأٌ، وَهُوَ مَحْفُوظٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. (١)

- وقال ابن حجر: وَهَذَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الَّذِي لَا يَضُرُّ لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ عِنْدَهُ عَنْهُمَا مَعًا فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً عَنْ هَذَا وَتَارَةً عَنْ هَذَا. (٢)

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح" فيه: إسحاق بن راشد ثقة إلا في روايته عن الزهري فليس بذاك إلا إذا تُوبع. قلت: وقد تابعه جماعة من الثقات في الصحيحين وغيرهما، منهم: ابن عُيينة، ومعمر، وشُعيب، ويونس.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ رحمه الله:

قال المُصَنِفْ رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذِا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْحَاقَ إِلَّا عَتَّابٌ. (٣)

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد عَتَّاب بْن بَشِيْر برواية هذا الحديث عَنْ إِسْحَاق بْنِ رَاشِدٍ، بل تابعه: مُوسَى بْنِ أَعْيَن كما سبق بيان ذلك في التخريج.

سادساً: التعليق علي الحديث:

كان سيدنا حسان بن ثابت من المدافعين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالكلمة وكان من الشعراء الذين ينشدون الشعر للدفاع عن الإسلام بالكلمة، والشعر منه ما هو حسن، ومنه ما هو قبيح فأباح الإسلام الحسن منه الذي فيه دفاع عن الإسلام والمسلمين، أو ما يكون علي هيئة منظومات شعرية في شتي العلوم أوفي مكارم الأخلاق والزهد وغير ذلك، ونهي عن القبيح الذي فيه تعدي علي الحرمات وهتك للأعراض وإيذاء للمسلمين والمسلمات ووصف للنساء وذكر للخمر ومدح للظالمين وغير ذلك. ولما كان حسان بن ثابت من الذين


(١) يُنظر "العلل" للدارقطني (١١/ ١١١ ــ ١١٣).
(٢) يُنظر "فتح الباري" ١/ ٥٤٨.
(٣) سيأتي تعليق المُصَنِف علي الحديث في حديث رقم (١٩/ ٦٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>