للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢) أنَّ الوجه الأول جاء من طريق هِشَام بْن عُرْوَة، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَر. والحديث كذلك محفوظ من وجه آخر عن ابن عمر كما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من طُرق عن ابن عمر كما سيأتي بعد ذلك.

٣) وأما إرسال الوجه الثاني فلا يضر: قال أحمد: ما أحسن حديث الكوفيين عن هشام بن عروة، أسندوا عنه أشياء. ــــــ قلت: وأَبُو خَالِد الْأَحْمَر، وَعَبْدَة بْن سُلَيْمَان من أهل الكوفة وأسندوا الحديث عن هشام بالوجه الأول ــــــ قال: وما أرى ذاك إلا على النشاط، يعني أن هشاماً ينشط تارة فيسند، ثم يرسل مرة أخرى. وقال أحمد أيضاً: ومالك يرسل أشياء كثيرة، يسندها غيره. (١)

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول ــــ "إسناده صحيح"

قلت: والحديث له متابعات قاصرة أخرجها الشيخان في صحيحهما من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا. (٢)

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِلَّا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان. لكن طريق عَبْدَة بْن سُلَيْمَان عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة لم أقف عليه في حدود بحثي، والله أعلم.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قلت: كانت عائشة أم المؤمنين، وعثمان بن عفان أمير المؤمنين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يتمان الصلاة في السفر رغم أنَّ سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في السفر هي قصر الرباعية، وقد اختلف العلماء في تعليل ذلك:

فقال النووي: الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُمَا رَأَيَا الْقَصْرَ جَائِزًا وَالْإِتْمَامَ جَائِزًا فَأَخَذَا بِأَحَدِ الْجَائِزَيْنِ وَهُوَ الْإِتْمَامُ. وَقِيلَ: لِأَنَّ عُثْمَانَ إِمَامُ الْمُؤْمِنِينَ وَعَائِشَةُ أُمُّهُمْ فَكَأَنَّهُمَا فِي مَنَازِلِهِمَا وَأَبْطَلَهُ الْمُحَقِّقُونَ بِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَقِيلَ: لِأَنَّ عُثْمَانَ تَأَهَّلَ بِمَكَّةَ وَأَبْطَلُوهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- سَافَرَ بِأَزْوَاجِهِ وَقَصَرَ. وَقِيلَ: فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ حَضَرُوا مَعَهُ لِئَلَّا يَظُنُّوا أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ أَبَدًا حَضَرًا وَسَفَرًا وَأَبْطَلُوهُ بِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى كَانَ مَوْجُودًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بَلِ اشْتَهَرَ أَمْرُ


(١) يُنظر "شرح علل الترمذي" لابن رجب ٢/ ٦٨٠، ٦٧٩.
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ تقصير الصلاة ب/ الصَّلَاةِ بِمِنًى (٢/ ٤٢ رقم ١٠٨٢)، ومسلم في "صحيحه" ك/ صلاة المسافرين وقصرها ب/ قَصْرِ الصَّلَاةِ بِمِنًى (١/ ٤٨٢ رقم ٦٩٤)، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِع، عَنْ ابْنِ عُمَر. ومسلم في "صحيحه" ك/ صلاة المسافرين وقصرها ب/ قَصْرِ الصَّلَاةِ بِمِنً (١/ ٤٨٢ رقم ٦٩٤) عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيه. ومسلم في "صحيحه" ك/ صلاة المسافرين وقصرها ب/ قَصْرِ الصَّلَاةِ بِمِنًى (١/ ٤٨٣ رقم ٦٩٤)، عَنْ حَفْص بْن عَاصِم، عَنِ ابْنِ عُمَر.

<<  <  ج: ص:  >  >>