للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده حسن" فيه: إِبْرَاهِيم بْن حَمْزَةَ الزُّبَيْرِي: صدوق حسن الحديث. قلت: والحديث له متابعة أخرجها البخاري في صحيحه كما سبق بيان ذلك في التخريج.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الحسن إلي الصحيح لغيره.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ إِلَّا أَنَسٌ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلم يتفرد به أَنَس بْن عِيَاضٍ بل تابعه: شُعَيْب بْن إِسْحَاق القرشي كما سبق بيان ذلك في التخريج.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال الخطابي رحمه الله: لا أعلم خلافاً بين الفقهاء في أن الطعام لا يخمس في جملة ما يخمس من الغنيمة وإن لواجده أكله ما دام الطعام في حد القلة وعلى قدر الحاجة وما دام صاحبه مقيماً في دار الحرب وهو مخصوص من عموم الآية ببيان النبي -صلى الله عليه وسلم- كما خص منها السلب وسهم النبي -صلى الله عليه وسلم- والصفي ورخص أكثر العلماء في علف الدواب ورأوه في معنى الطعام للحاجة إليه. وقال الشافعي: فإن أكل فوق الحاجة أدى ثمنه في المغنم، وكذلك إن شرب شيئاً من الأشربة والأدوية التي لا تجرى مجرى الأقوات أو أطعم صقوره لحماً منه أدى قيمته في المغنم، وإنما يحل له قدر الحاجة حسب وليست يده على الطعام في دار الحرب يد ملك حقيقة وإنما له يد الارتفاق والانتفاع به قدر الحاجة وهذا على أحد قولي الشافعي. (١)

وقال أبو الحسن الماوردي رحمه الله: إذا خرج المسلمون من دار الحرب ومعهم من بقايا ما أخذوه من طعامهم ففي وجوب رده إلى المغنم قولان: أحدهما: أن عليهم رده إلى المغنم لارتفاع الحاجة، فإن استهلكوه كان محسوباً عليه من سهامهم. والقول الثاني: لا يلزمهم رده، لأنه موضوع على الإباحة، وبه قال الأوزاعي وقد روى نافع عن ابن عمر أن جيشاً غنموا في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طعاماً وعسلاً فلم يؤخذ منهم الخمس. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: ما بقي معهم من الطعام قبل قسم الغنيمة رده في الغنائم، وما بقي بعد قسمتها باعوه وتصدقوا بثمنه، وعلى مذهب الشافعي: إن لم يجب رده على أحد قوليه كانوا أحق به قبل الغنم ويجوز لهم بيعه بعد خروجهم من دار الحرب، ولا يجوز لهم بيعه قبل خروجهم منها، وتكون أيديهم عليه في دار الحرب يد استباحة، وفي دار الإسلام يد ملك، وإن وجب رده على القول الثاني ردوه إلى المغنم قبل القسم، وعلى الإمام بعد القسم، وليس لهم بيعه ولا التصدق بثمنه، لأنه حق للغانمين وتكون أيديهم عليه في دار الحرب يد استباحة، وفي دار الإسلام يد حظر فيجوز أن يأكلوه في دار الحرب ولا يأكلوه في دار الإسلام، ولا يجوز لهم بيعه في دار الحرب ولا في دار الإسلام والله أعلم. (٢)


(١) يُنظر "معالم السنن" للخطابي ٢/ ٢٩٥.
(٢) يُنظر "الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي وهو شرح مختصر المزني" للماوردي ١٤/ ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>