للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مرفوعاً، ومرة أخري من قوله، والله أعلم.

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَد بْن بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ: لين الحديث.

قلت: لكن للحديث متابعات أخرجها مسلم وغيره كما سبق بيان ذلك في التخريج.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، لكن ذلك من حيث الوجه الأول المرفوع. وأما من حيث الوجه الثاني عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قوله. فرواه عَنْ ثَابِت: حَمَّاد بْن زَيْد، ومَعْمَر، وسُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِأَجْمَعِهِمْ أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُمْكِنَةٌ غَيْرُ مُسْتَحِيلَةٍ عَقْلًا وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى وُقُوعِهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى دُونَ الْكَافِرِين. وَزَعَمَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ وَبَعْضُ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ وَأَنَّ رُؤْيَتَهُ مُسْتَحِيلَةٌ عَقْلًا وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ وَجَهْلٌ قَبِيحٌ وَقَدْ تَظَاهَرَتْ أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنَيْنِ وَرَوَاهَا نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ صَحَابِيًّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَآيَاتُ الْقُرْآنِ فِيهَا مَشْهُورَةٌ وَاعْتِرَاضَاتُ الْمُبْتَدِعَةِ عَلَيْهَا لَهَا أَجْوِبَةٌ مَشْهُورَةٌ. ومَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الرُّؤْيَةَ قُوَّةٌ يَجْعَلُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا اتِّصَالُ الْأَشِعَّةِ وَلَا مُقَابَلَةُ الْمَرْئِيِّ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ لَكِنْ جَرَتِ الْعَادَةُ فِي رُؤْيَةِ بَعْضِنَا بَعْضًا بِوُجُودِ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الِاتِّفَاقِ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ وَقَدْ قَرَّرَ أَئِمَّتُنَا الْمُتَكَلِّمُونَ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ الْجَلِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِثْبَاتُ جِهَةٍ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ بَلْ يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ لَا فِي جِهَةٍ كَمَا يَعْلَمُونَهُ لَا فِي جِهَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (١)


(١) يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي ٣/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>