للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن رجب: ورد التبشير عَلَى ذَلِكَ ـــــ أي المشي إلى المساجد فِي الظلم ــــ بالنور التام يوم القيامة من وجوه متعددة من أجودها حَدِيْث بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِي. (١)

وقال الزيلعي: رُوِيَ هذا الحديث من حَدِيث بُرَيْدَة بن الْحصيب، وأنس، وسهل بن سعد، وأبو الدَّرْدَاء وَابْن عَبَّاس، وابْن عمر، وزيد بن حَارِثَة، وَأبو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَأبو أُمَامَة، وعَائِشَة، وَأبو سعيد الْخُدْرِيّ، وحَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِي -رضي الله عنهم- أَجْمَعِين. (٢)

وقال السيوطي: حَدِيثُ: بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. من الأحاديث المتواترة. (٣)

قلت: وقد ثبت عند البخاري في "صحيحه" من حديث أَنَسُ بْنُ مَالِك -رضي الله عنه-: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَيْنِ يُضِيئَانِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ. (٤)

قال ابن حجر في "الفتح": كذا هو في الأصل بلا ترجمة وكأنه بيض له فاستمر كذلك وأما قول ابن رشيد: إن مثل ذلك إذا وقع للبخاري كان كالفصل من الباب فهو حسن حيث يكون بينه وبين الباب الذي قبله مناسبة بخلاف مثل هذا الموضع، وأما وجه تعلقه بأبواب المساجد فمن جهة أن الرجلين تأخرا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد في تلك الليلة المظلمة لانتظار صلاة العشاء معه فعلى هذا كان يليق أن يترجم له فضل المشي إلى المسجد في الليلة المظلمة ويلمح بحديث بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة وقد أخرجه أبو داود وغيره من حديث بريدة وظهر شاهده في حديث الباب لإكرام الله تعالى هذين الصحابيين بهذا النور الظاهر وادخر لهما يوم القيامة ما هو أعظم وأتم من ذلك إن شاء الله تعالى، والرجلين المذكورين هما: أسيد بن حضير، وعباد بن بشر. (٥)

قلت: وعلي هذا فيرتقي الحديث بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

رابعاً: النظر في كلام المُصَنْف:


(١) يُنظر "فتح الباري" لابن رجب ٦/ ٣٥.
(٢) يُنظر "تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري" للزيلعي ١/ ٥٢.
(٣) يُنظر "تدريب الراوي" للسيوطي ٢/ ٦٣١.
(٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الصلاة (١/ ١٠٠ رقم ٤٦٥).
(٥) يُنظر "فتح الباري" لابن حجر ١/ ٥٨٨، ومن رام المزيد فليراجع مشكوراً "فتح الباري" لابن رجب ٣/ ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>