للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُهَاجِرِ هذا قال فيه ابن حجر: صدوق لين الحفظ. قلت: قد اضطرب في هذا الحديث عن مجاهد كما سبق.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

١) رواية الأكثر عدداً: فرواه بهذا الوجه اثنان من الرواة أحدهما ثقة ثبت، وهذا بخلاف الأوجه الأخري.

٢) ترجيح الأئمة:

- قال ابن أبي حاتم: سألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أصحابُ مُجاهِد، عَنْ مُجاهِد؛ قَالَ: كان شَرِيكٌ للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الجاهلية، فحكى أنَّ النبيَّ كَانَ لا يُماري ولا يُداري، فمَنْ هَذَا الشَّريكُ؟ قَالَ أَبِي: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِم، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مَيْسَرَةَ، عَنْ مُجاهِد، عَن قيس بْن السَّائب؛ قَالَ: كنتُ شَرِيكًا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وَرَوَاهُ سَيْفُ بْن أَبِي سُلَيمان، عَنْ مُجاهِد؛ قَالَ: كَانَ السَّائب بْن أَبِي السَّائب شَريكًا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وَرَوَاهُ منصور بْن أَبِي الأسود، عَنِ الأَعْمَش، عَنْ مُجاهِد، عَنْ عبد الله بْن السَّائب؛ قَالَ: كنتُ شَريكًا، قلتُ لأَبِي: فحديثُ الشَّرِكَة ما الصَّحيحُ منها؟ قال أبي: عبد الله بْن السَّائب لَيْسَ بالقديم، وَكَانَ على عهدِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- حَدَث، والشَّرِكَةُ بأبيه أشبَهُ، واللهُ أَعْلَمُ. (١)

- وقال ابن حجر: أخرج البغويّ في ترجمته من طريق أبي عبيدة بن مَعْن، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الله بن السائب، قال: أتيت رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- بمكة لأبايعه، فقلت: أتعرفني؟ قال: «نعم، ألم تكن شريكاً لي مرّة … » الحديث. والمحفوظ أن هذا لأبيه السائب. (٢)

- قلت: وقد ذكر جماعة من العلماء أنَّ السائب بْن أَبِي السائب ـــــ رَوِايَة الوجه الراجح ــــــ هو الذي كان شريكاً للنبي -صلى الله عليه وسلم-. فقال البغوي، وابن منده، وابن الأثير، والمزي، والذهبي: كان شريك النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل المبعث فِي الجاهلية. وقال ابن شهاب: السائب بْن أَبِي السائب، هو الذي جاء فيه الحديث، عن رَسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: " نعم الشريك، كان لا يشارى ولا يماري.

قلت: وقد ذهب ابن عبد البر إلي أنَّ الحديث مضطرب وتبعه علي ذلك السهيلي، فقال ابن عبد البر: وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنّ الْحَدِيث فِيمَنْ كَانَ شَرِيكَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ هَؤُلَاءِ مُضْطَرِبٌ جِدّا، مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الشّرِكَةَ: لِلسّائِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا لِأَبِي السّائِبِ أَبِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا لِقَيْسِ بن السّائب، ومنهم من يجعلها لعبد الله بن أبى السّائب، وهذ اضْطِرَابٌ لَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ وَلَا تَقُومُ بِهِ حُجّةٌ وَالسّائِب بْن أَبِي السّائِبِ مِنْ الْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَمِمّنْ حَسُنَ إسْلَامُهُ. (٣) قلت: لكن إذا ثبت الترجيح انتفي الاضطراب.

وقال ابن أبي خيثمة: سمعت أبي يَقُول: قَالَ ابن مهْدي حَدِيث مُسلم عَن إِبْرَاهِيم بن ميسرَة، عَن مُجَاهِد أثبت هَذِه الْأَحَادِيث. (٤) قلت: يقصد الوجه الثالث.


(١) يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم ٢/ ٢٤٦.
(٢) يُنظر "الإصابة" ٦/ ١٦٧.
(٣) يُنظر "الاستيعاب" لابن عبد البر ٢/ ٥٧٣، "الروض الأنف" للسهيلي ٥/ ٣٥٠.
(٤) يُنظر "أخبار المكيين" لابن أبي خيثمة ١/ ٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>