-صلى الله عليه وسلم- حين قدم في الهجرة إلى قباء قيل وفي تعيين المبهم به هنا نظر لأن في حديث عائشة ــــــ قلت: الباحث: حديث عائشة الذي ذكرته شاهداً لحديث الباب ــــــ في هذه القصة أنه كان أمير سرية وكلثوم بن الهِدْم مات في أوائل ما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة فيما ذكره الطبري وغيره من أصحاب المغازي وذلك قبل أن يبعث السرايا، وعلى هذا فالذي كان يؤم في مسجد قباء غير أمير السرية ويدل على تغايرهما أن في رواية الباب أنه كان يبدأ بقل هو الله أحد وأمير السرية كان يختم بها، وفي هذا أنه كان يصنع ذلك في كل ركعة ولم يصرح بذلك في قصة الآخر، وفي هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله وأمير السرية أمر أصحابه أن يسألوه، وفي هذا أنه قال إنه يحبها فبشره بالجنة وأمير السرية قال إنها صفة الرحمن فبشره بأن الله يحبه. والجمع بين هذا التغاير كله ممكن لولا ما تقدم من كون كلثوم بن الهِدْم مات قبل البعوث والسرايا وأما من فسره بأنه قتادة بن النعمان فأبعد جداً فإن في قصة قتادة أنه كان يقرؤها في الليل يرددها ليس فيه أنه أم بها لا في سفر ولا في حضر ولا أنه سئل عن ذلك ولا بشر. قوله: افتتح بقل هو الله أحد: تمسك به من قال لا يشترط قراءة الفاتحة وأجيب بأن الراوي لم يذكر الفاتحة اعتناء بالعلم لأنه لا بد منها فيكون معناه افتتح بسورة بعد الفاتحة أو كان ذلك قبل ورود الدليل الدال على اشتراط الفاتحة قوله فكلمه أصحابه يظهر منه أن صنيعه ذلك خلاف ما ألفوه من النبي -صلى الله عليه وسلم-. قوله: وكرهوا أن يؤمهم غيره إما لكونه من أفضلهم كما ذكر في الحديث وإما لكون النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي قرره. قوله: ما يأمرك به أصحابك أي يقولون لك ولم يرد الأمر بالصيغة المعروفة لكنه لازم من التخيير الذي ذكروه كأنهم قالوا له افعل كذا وكذا. قوله: ما يمنعك وما يحملك سأله عن أمرين فأجابه بقوله إني أحبها وهو جواب عن الثاني مستلزم للأول بانضمام شيء آخر وهو إقامة السنة المعهودة في الصلاة فالمانع مركب من المحبة والأمر المعهود والحامل على الفعل المحبة وحدها ودل تبشيره له بالجنة على الرضا بفعله وعبر بالفعل الماضي في قوله أدخلك وإن كان دخول الجنة مستقبلاً تحقيقاً لوقوع ذلك. قال ناصر الدين بن المنير في هذا الحديث أن المقاصد تغير أحكام الفعل لأن الرجل لو قال إن الحامل له على إعادتها أنه لا يحفظ غيرها لأمكن أن يأمره بحفظ غيرها لكنه اعتل بحبها فظهرت صحة قصده فصوبه قال وفيه دليل على جواز تخصيص بعض القرآن بميل النفس إليه والاستكثار منه ولا يعد ذلك هجراناً لغيره وفيه ما يشعر بأن سورة الإخلاص مكية. (١)