للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ بْنُ أَخِي الزُّهْرِي: قال فيه ابن حجر: صدوق له أوهام (١)، وصَالِحُ بْنُ يَزِيد بْنِ كَيْسَانَ: قال فيه ابن حجر: ثقة ثبت (٢)، وروايته عند مسلم كما سبق في التخريج. وعلي هذا فهذه المتابعات ليس فيها إلا متابعة صَالِح بْن كَيْسَانَ ــــــ صرح بهذا ابن حجر كما سيأتي في ترجيح الأئمة للوجه الثالث ــــــ فصالح وإن كان ثقة إلا أن روايته لا تناهض رواية الثقات الذين راوه بالوجه الثاني، والثالث، وأما إخراج مسلم له فلعل ذلك لأجل إعلاله لا لأجل تصحيحه لاسيما وقد أخر مسلم روايته فذكرها بعد رواية الثقات الذين راوه بالأوجه الأخرى.

قلت: وعلي هذا فقد اختلف علي جَعْفَر بْن بُرْقَان، وجعفر يضطرب في حديث الزُّهْرِي خاصة، وعلي هذا فلعل الأقرب إلي الصواب من هذين الطريقين هي رواية الجمع، وإن كانت مرجوحة بالأوجه الأخرى.

الوجه الثاني: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أو أَبي لُبَابَةَ. بالشك.

ورواه عنه بهذا الوجه: مَعْمَر، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، والزُّبَيْدِي، ويُونس، وشُعَيْب.

الوجه الثالث: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبي لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ الْأَنْصَارِيُّ.

ورواه عنه بهذا الوجه: مَعْمَر، وسُفْيَان. وقد توبع سالم علي هذا الوجه فتابعه ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، ونافع.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الثالث هو الأقرب إلي الصواب وذلك للقرائن الأتية:

١) المتابعات: فقد تابع الزُّهْرِي علي هذا الوجه جماعة من الثقات في الصحيحين وغيرهما كما سبق بيانهم.

٢) صنيع الإمام البخاري حيث قدم رواية أَبي لُبَابَةَ وحده، وأَخَرَ رواية الشك وذكرها معلقة.

٣) ترجيح الأئمة لهذا الوجه: قال ابن حجر: مَنْ رَوَاهُ بِالْجَمْعِ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُقَارِبُ الَّذِينَ رَوَوْهُ بِالشَّكِّ إِلَّا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَن الَّذِي رأى ابن عُمَرَ هُوَ أَبُو لُبَابَةَ بِغَيْرِ شَكٍّ وَهُوَ يُرَجِّحُ مَا جَنَحَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ تَقْدِيمِهِ لِرِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ الْمُقْتَصِرَةِ عَلَى ذِكْرِ أَبِي لُبَابَةَ. (٣)

وقال ابن حجر: في ترجمة "زيد بن الخطاب" قال: له في الصّحيح حديث واحد في النّهي عن قتل حيات البيوت من رواية ابن عمر عنه مقرونا بأبي لبابة، ورجّح صالح جزرة أنّ الصّواب عن أبي لبابة وحده. (٤)

قلت: والوجه الثالث وإن كان هو الأقرب إلي الصواب إلا أنه لا يتعارض مع الوجه الثاني فلعل الزُّهْرِي راوه مرة بالشك ثم راوه بعد ذلك علي اليقين، وعلي هذا فيترجح الوجهين لاسيما وأن كلا الوجهين في الصحيحين، والعلم عند الله تعالي.


(١) يُنظر "التقريب" صـ ٤٢٤.
(٢) يُنظر "التقريب" صـ ٢١٤.
(٣) يُنظر "فتح الباري" لابن حجر ٦/ ٣٤٩.
(٤) يُنظر "الإصابة" ٤/ ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>