للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، واختلف فيه علي نَافِعٍ من طريقين أيضاً:

أ - الطريق الأول: نَافِع، عَن ابْن عُمَرَ مرفوعاً. ورواه عن نَافِعٍ بهذا الوجه: إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة، وأَيُّوب السختياني، ويَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كما عند أبو نعيم وفي الطريق إليه سعيد بن عنبسة: قال ابن معين: كذاب، وقال أبو حاتم: لا يُصدق. ومَالِك بْن أَنَس، وصَالِح بْن كَيْسَانَ، وعبد الله بن عمر الصغير أخو عُبَيْدِ اللَّهِ، ومُحَمَّد بْن عَجْلَانَ، وابْن جُرَيْجٍ، وعمر بن محمد بن زيد العمري. كلهم عن نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعاً. قلت: والطرق إلي هؤلاء الرواة كلها ضعيفة لا يخلو طريق منها من راوٍ ضعيف، أو مجهول، أو كذاب عدا طريق أَيُّوب السختياني فالطرق إليه صحيحة.

ب - الطريق الثاني: نَافِع، عَن ابْن عُمَرَ موقوفاً. ورواه عن نَافِعٍ بهذا الوجه: عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، ومَالِك بن أنس من أصح الأوجه عنه، واللَّيْث بن سعد، وابْن جُرَيْجٍ من أصح الأوجه عنه، ومُوسَى بْن عُقْبَة، وأيوب السختياني، وصَالِحٌ بن كيسان، وعَبْد الله بن عبد الرحمن الطائفي. كلهم عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنَ عُمَرَ موقوفاً. قلت: وهذا الوجه أخرجه البخاري في "صحيحه" عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَرَ كما سبق بيان ذلك.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني - الموقوف - هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

١) أنَّ رُوَاة الوجه الأول الطرق إليهم ضعيفة، وهذا بخلاف رُوَاة الوجه الثاني.

٢) إخراج البخاري لهذا الوجه في "صحيحه".

٣) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، لَيْسَ بِمَرْفُوع. وقال مرة: والموقوف هُوَ الصَّحِيحُ. (١)

الوجه الثاني: إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّةَ، عَنِ الزُّهْرِي، عَنْ سَالِم بْن عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ.

ورواه عن إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّةَ بهذا الوجه: الثَّوْرِي، وفي الطريق إليه: عَلِي بْن الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِد الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمُغَبَّرِ: مجهول الحال. وزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: صدوق يخطئ في حديث الثوري كما قال ابن حجر. قلت: لكن تابع إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة علي هذا الوجه جماعة من الرواة في الصحيحين وغيرهما وهم: مَالِك، وابْن عُيَيْنَة، ومَعْمَر، والحميدي، ومُحَمَّد بْن الوليد الزُّبَيْدِي، ويُونُس بن يزيد، وشُعَيْب بن أبي حمزة، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَرَ، وابْن جُرَيْج، وعُقَيْل بن خالد، وهُشَيْم بن بشير، وعبد الله بن عمر العمري الصغير، وابْن أَخِي ابْن شِهَابٍ، ومُحَمَّد بْن أَبِي حَفْصَةَ، وعبدالله بن أُوَيْس الأصبحي، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي عَبْلَةَ، وقُرَّة بْن عَبْدِ الرَّحْمَن بْن حَيْوِيلٍ، والْوَلِيد بْن مُحَمَّد الْمُوَقَّرِي، وسُفْيَان بْن حُسَيْن. كلهم عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ سَالِمِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ به.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الحديث محفوظ من حديث نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفاً، وذلك لإخراج البخاري له في صحيحه. ومحفوظ كذلك من حديث الزُّهْرِي، عَنْ سَالِمُ، عَنْ ابْنَ عُمَرَ، وذلك لإخراج الشيخان له في صحيحيهما، والله أعلم.


(١) يُنظر "السنن" لأبي داود ٢/ ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>