للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهُمْ عَدَدٌ وَهُوَ وَاحِدٌ؟. وأما عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِي: فقال البيهقي: اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- غَسَلَهُمَا، وَحَدِيث الدَّرَاوَرْدِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا بِأَنْ يَكُونَ غَسَلَهُمَا فِي النَّعْلِ، قلت ـــــ الباحث ـــــ رواية رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، والدَّرَاوَرْدِيِّ لا تناهض رواية الجماعة بدون ذكر النعل، والله أعلم.

الوجه الثاني: زَيْد، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وفيه: وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ عَلَيْهِمَا النَّعْلَانِ مَرَّةً مَرَّةً.

ورواه عن زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بهذا الوجه: خَارِجَة بْن مُصْعَبٍ، وسُفْيَان الثَّوْرِي، وَهِشَام بْن سَعْدٍ.

قلت: وخَارِجَة بْن مُصْعَبٍ: متروك الحديث كما قال ابن حجر، وأما رواية: سُفْيَان الثَّوْرِي، وَهِشَام بْن سَعْدٍ عند البيهقي في الكبرى ففي الطريق إليهما أبو العباس السراج قال فيه الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيراً.

الوجه الثالث: زَيْد بْن أَسْلَم، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وفيه: ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى.

ورواه عن زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بهذا الوجه: سُلَيْمَان بْن بِلَالٍ القرشي، ومُحَمَّد بْن عَجْلَانَ، ووَرْقَاء بْن عُمَر، ومُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ. وأخرج هذا الوجه البخاري في صحيحه.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثالث هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

١) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بهذا الوجه جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجهين الآخرين.

٢) إخراج البخاري لهذا الوجه في صحيحه.

٣) ترجيح الأئمة لهذا الوجه:

- قال البيهقي: اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- غَسَلَهُمَا، وَحَدِيثُ الدَّرَاوَرْدِيِّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا بِأَنْ يَكُونَ غَسَلَهُمَا فِي النَّعْلِ، وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ لَيْسَ بِالْحَافِظِ جِدًّا، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ فِيهِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتَ، كَيْفَ وَهُمْ عَدَدٌ وَهُوَ وَاحِدٌ؟. (١)

- وقال البيهقي مرة: رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وابْنُ عَجْلَانَ، وَوَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ أَخَذَ غُرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيمْنَى، ثُمَّ أَخَذَ غُرْفَةً أُخْرَى فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيسْرَى، أَوْ مَا فِي مَعْنَى هَذَا. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَيْسَا مِنَ الْحِفْظِ بِحَيْثُ يُقْبَلُ مِنْهُمَا مَا يَنْفَرِدَانِ بِهِ. كَيْفَ وَقَدْ خَالَفَهُمَا عَدَدُ ثِقَاتٍ. مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ حَدِيثِهِمَا أَنَّهُ رَشَّ الْمَاءَ عَلَيْهِمَا فِي النَّعْلَيْنِ وَغَسَلَهُمَا فِيهِمَا، وَعَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيِّ، عَنْ الثَّوْرِي، وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، بِإِسْنَادِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَعَلَيْهِ نَعْلُهُ. (٢)

- وقال ابن حجر: وَأَمَّا قَوْلُهُ تَحْتَ النَّعْلِ فَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى التَّجَوُّزِ عَنِ الْقَدَمِ وَإِلَّا فَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ


(١) يُنظر "السنن الكبرى" للبيهقي ١/ ١١٩.
(٢) يُنظر "معرفة السنن والآثار" للبيهقي ١/ ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>