بَعْضُ الْبَيَادِرِ الَّتِي أَوْفَى مِنْهَا بَعْضَ أَصْحَابِ الدَّيْنِ حَيْثُ كَانَ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ وَلَمَّا انْصَرَفَ بَقِيَتْ آثَارُ بَرَكَتِهِ فَلِذَلِكَ أَوْفَى مِنْ أَحَدِ الْبَيَادِرِ ثَلَاثِينَ وَسْقًا وَفَضَلَ سَبْعَةَ عَشَرَ. والنُّكْتَةُ فِي اخْتِصَاصِ عُمَرَ بِإعْلَامِهِ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مُعْتَنِيًا بِقِصَّةِ جَابِرٍ مُهْتَمًّا بِشَأْنِهِ مُسَاعِدًا لَهُ عَلَى وَفَاءِ دَيْنِ أَبِيهِ. وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا مَشَى فِي النَّخْلِ وَتَحَقَّقَ أَنَّ التَّمْرَ الَّذِي فِيهِ لَا يَفِي بِبَعْضِ الدَّيْنِ فَأَرَادَ إِعْلَامَهُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ شَاهَدَ أَوَّلَ الْأَمْرِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُشَاهِدْ. وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ: جَوَازُ الِاسْتِنْظَارِ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ، وَجَوَازُ تَأْخِيرِ الْغَرِيمِ لِمَصْلَحَةِ الْمَالِ الَّذِي يُوَفَّى مِنْهُ، وَفِيهِ مَشْيُ الْإِمَامِ فِي حَوَائِجِ رَعِيَّتِهِ، وَفِيهِ عَلَمٌ ظَاهِرٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ لِتَكْثِيرِ الْقَلِيلِ إِلَى أَنْ حَصَلَ بِهِ وَفَاءُ الْكَثِيرِ وَفَضَلَ مِنْهُ. (١)
(١) يُنظر "فتح الباري" لابن حجر ٦/ ٥٩٣ ـــــ ٥٩٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute