للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَوَى أَبُو أُسَامَةَ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَفِي البَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ. (١)

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، (٢) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ. (٣)

وعلي هذا فالحديث بجزئه الأول يرتقي بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

وأما الحديث بجزئه الثاني: وهو الاستثناء الوارد في الحديث في قوله "إِلَّا مَا غَيَّرَ رِيحَهُ أَوْ طَعْمَهُ" فضعيف، وقد ذهب العلماء إلي أن هذا الاستثناء الوارد في هذا الحديث غير ثابت من الناحية الحديثية إلا أن الإجماع دَلَ عليه، أي دَلَ علي أن الماء يصير نجساً إذا تغير بالنجاسة.

فقال البيهقي: وَالْحَدِيثُ غَيْرُ قَوِيٍّ إِلَّا أَنَّا لَا نَعْلَمُ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ إِذَا تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ خِلَافًا وَاللهُ أَعْلَمُ. وقال الشَّافِعِيُّ: وَمَا قُلْتُ مِنْ أَنَّهُ إِذَا تَغَيَّرَ طَعْمُ الْمَاءِ وَلَوْنُهُ وَرِيحُهُ كَانَ نَجِسًا، يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ وَجْهٍ لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِثْلَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ خِلَافًا. (٤)

وقال الزيلعي: وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ رِشْدِينَ بْنَ سَعْدٍ جَرَحَهُ النَّسَائِيّ. وَابْنُ حِبَّانَ. وَأَبُو حَاتِمٍ. وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ والدارقطني فِي سُنَنِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ اللَّوْنَ. (٥)

وقال ابن الملقن: الِاسْتِثْنَاء الْمَذْكُور ضعيفٌ، لَا يحلّ الِاحْتِجَاج بِهِ، لِأَنَّهُ مَا بَين مُرْسل وَضَعِيف. وَنقل النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب اتِّفَاق الْمُحدثين عَلَى تَضْعِيفه. وَقد أَشَارَ إمامنا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي إِلَى ضعفه، وَتَابعه عَلَى ذَلِك الْبَيْهَقِيّ. وقال ابْن الْجَوْزِي: هَذَا حَدِيث لَا يَصح. فَإِذا عُلم ضعف


(١) أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (٢٢٦٩، ٢٣١٣)، والقاسم بن سلام في "الطهور" (١٤٥، ١٤٦، ١٤٧)، وأحمد في "مسنده" (١١١١٩، ١١٢٥٧، ١١٨١٨)، وابن شبة في "تاريخ المدينة" (١/ ١٥٦)، وأبو بكر الأثرم في "سننه" (٤٩)، وأبو داود في "سننه" (٦٦، ٦٧)، والترمذي في "سننه" (٦٦)، والنسائي في "السنن الصغرى" (٣٢٦، ٣٢٧)، وأبو يعلي في "مسنده" (١٣٠٤)، وابن الجارود في "المنتقي" (٤٧)، والطوسي في "مستخرجه علي جامع الترمذي" (٥٥)، والطحاوي في "أحكام القرآن" (٦٧، ٦٦)، وفي "شرح معاني الآثار" (٣، ٢)، وابن حبان في "الثقات" (٧/ ٥٤٨)، وابن بشران في "أماليه" (٣٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٢١٤، ١٢١٥، ١٢١٦، ١٢١٨، ١٢١٩)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (١٨١٥، ١٨١٧).
(٢) قال ابن أبي حاتم في "العلل" ١/ ٥٤٢. سألتُ أَبا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رواه سُفْيان، عن سِمَاك بن حَرْب، عَنْ عِكرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنَّ بعضَ أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- اغتسلَتْ مِنْ جَنابَة، فَجَاءَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَتْ لَهُ، فتوضَّأَ بِفَضْلِها، وَقَالَ: المَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ. وَرَوَاهُ شَرِيكٌ، عَن سِماك، عَنْ عِكرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَن مَيمُونة؟ فَقَالَ: الصَّحيحُ: عَنِ ابْنِ عباس، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ بلا مَيْمُونة.
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢١٠٠، ٢١٠٢، ٢٥٦٦، ٢٨٠٧، ٢٨٠٦، ٢٨٠٥)، والنسائي في "السنن الصغرى" (٣٢٥)، وأبو يعلي في "مسنده" (٢٤١١)، وابن خزيمة في "صحيحه" (٩١)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١٠٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٥٢٤٠)، وابن حبان في "صحيحه" (١٢٤١)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١١٧١٤)، والحاكم في "المستدرك" (٥٦٥)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (١٢/ ١٧٢).
(٤) يُنظر "السنن الكبرى" للبيهقي ١/ ٣٩٣.
(٥) يُنظر "نصب الراية" للزيلعي ١/ ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>