الْمَنَاكِيرُ الْوَاقِعَةُ فِي حَدِيثِ الدَّبَرِيِّ إِنَّمَا سَبَبُهَا أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ، فَمَا يُوجَدُ مِنْ حَدِيثِ الدَّبَرِي عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفَاتِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَلَا يَلْحَقُ الدَّبَرِيَّ مِنْهُ تَبِعَةٌ إِلَّا إِنْ صَحَّفَ وَحَرَّفَ، إِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي عِنْدَ الدَّبَرِيِّ فِي غَيْرِ التَّصَانِيفِ، فَهِيَ الَّتِي فِيهَا الْمَنَاكِيرُ وَذَلِكَ لِأَجْلِ سَمَاعِهِ مِنْهُ فِي حَالِ اخْتِلَاطِهِ. وقال ابن حجر: احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ فِي جملَة من حَدِيث من سمع مِنْهُ قبل الِاخْتِلَاط وَضَابِط ذَلِك من سمع مِنْهُ قبل الْمِائَتَيْنِ فَأَما بعْدهَا فَكَانَ قد تغير وفيهَا سمع مِنْهُ أَحْمد بن شبويه فِيمَا حكى الْأَثْرَم عَن أَحْمد وَإِسْحَاق الدبري وَطَائِفَة من شُيُوخ أبي عوَانَة وَالطَّبَرَانِيّ مِمَّن تَأَخّر إِلَى قرب الثَّمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ. وحاصله أنه "ثقة ثبت" لكنه عمي في آخر عمره فتغير بسبب العمي وذلك في حدود سنة مِائَتَيْنِ فمن سمع منه قبل ذلك فحديثه صحيح، وأما من سمع منه بعد ذلك كإِبْرَاهِيم بْن مَنْصُور الرَّمَادِي، وَأَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ شَبُّوَيْهِ، وَإِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِي، وَمُحَمَّد بْن حَمَّاد الطَّهْرَانِي فضعيف، وأما ما كان في كتبه فصحيح. (١)
أقوال أهل العلم فيه: قَالَ العِجْلِي، وابْن مَعِين، والنَّسَائي، والحاكم، والذهبي، ويعقوب بْن شَيْبَة، وابن حجر: ثِقَة، وَزاد النَّسَائي، والحاكم: مَأْمُون، وذكره الحاكم في الطبقة الأولى من أصحاب الزهري، وزاد الذهبي، وابن حجر: ثبت، وزاد ابن حجر: فاضل، وزاد يعقوب، صالح التثبت عَن الزُّهْرِي. وقال البيهقي: حافظ. وقال ابن حِبَّان في الثقات: كَانَ فقيهاً مُتقناً حافظاً ورعاً. وقال في المشاهير: من الفُقَهاء المُتْقِنِيْن والحُفَاظ المُتَوَرِعِين.
وقال أَحْمَد: مَا أَضُمُّ أَحَداً إِلَى مَعْمَرٍ، إِلاَّ وَجَدْتُ مَعْمَراً أَطْلَبَ لِلْحَدِيْثِ مِنْه. وقال الذهبي: كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، مَعَ الصِّدْقِ، وَالتَّحَرِّي، وَالوَرَعِ، وَالجَلَالَة، وَحُسْن التَّصْنِيْف. وقال الدارقطني: لا أعلم أحداً أنبل رجالاً من معمر. وقَال الفَلاَّس: مَعْمَر مِنْ أَصْدَق النَّاس. وقال معمر عن نفسه: جلست إلى قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة فما سمعت منه حديثاً إلا كأنه ينقش في صدري. روى له الجماعة.
وَقَالَ مَالِكٌ: نِعْمَ الرَّجُلُ كَانَ مَعْمَرٌ، لَوْلَا رِوَايَتُهُ التَّفْسِيْرَ عَنْ قَتَادَةَ. قال الذهبي: يَظْهَرُ عَلَى مَالِكٍ الإِمَامِ إِعرَاضٌ عَنِ التَّفْسِيْرِ؛ لانْقِطَاعِ أَسَانِيْدِ ذَلِكَ، فَقَلَّمَا رَوَى مِنْهُ. وقال أبو حاتم: ما حدث بالبصرة ففيه أغاليط وهو صالح الحديث. وقال ابْن مَعِيْن: إِذَا حَدَّثَك مَعْمَر عَنِ العِرَاقِيِّيْن، فَخَافَه، إِلاَّ عَن ابْن طَاوُوْس، وَالزُّهْرِي، فَإِنَّ حَدِيْثَه عَنْهُمَا مُسْتقِيْم، فَأَمَّا أَهْل الكُوْفَة وَالبَصْرَة، فَلَه وَمَا عَمِل فِي حَدِيْث الأَعْمَش شَيْئاً، وَحَدِيْثُه عَنْ