لاستقذاره وقال في الثاني الشرب بنفسين فجعل النفس الشرب أي لا يقتصر على نفس واحد بل يفصل بين الشربين بنفسين أو ثلاثة خارج الإناء فعرف بذلك انتفاء التعارض. وقال الإسماعيلي: المعنى أنه كان يتنفس أي على الشراب لا فيه داخل الإناء قال وإن لم يحمل على هذا صار الحديثان مختلفين وكان أحدهما منسوخًا لا محالة والأصل عدم النسخ والجمع مهما أمكن أولى، ثم أشار إلى حديث أبي سعيد وهو ما أخرجه الترمذي وصححه والحاكم من طريقه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن النفخ في الشراب فقال رجل القذاة أراها في الإناء قال أهرقها قال فإني لا أروى من نفس واحد قال فأبن القدح إذا عن فيك ولابن ماجه من حديث أبي هريرة رفعه إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء فإذا أراد أن يعود فلينح الإناء ثم ليعد إن كان يريد قال الأثرم: اختلاف الرواية في هذا دال على الجواز وعلى اختيار الثلاث والمراد بالنهي عن التنفس في الإناء أن لا يجعل نفسه داخل الإناء وليس المراد أن يتنفس خارجه طلب الراحة، واستدل به لمالك على جواز الشرب بنفس واحد. وقال عمر بن عبد العزيز إنما نهى عن التنفس داخل الإناء فأما من لم يتنفس فإن شاء فليشرب بنفس واحد قلت ــــ ابن حجر ـــــ وهو تفصيل حسن وقد ورد الأمر بالشرب بنفس واحد من حديث أبي قتادة مرفوعاً أخرجه الحاكم وهو محمول على التفصيل المذكور. انتهي. قلت ــــ الباحث ـــــ وقال مسلم أيضاً في ترجمته علي أحاديث الباب الذي وردت فيه هذه الأحاديث: كَرَاهَةِ التَّنَفُّسِ فِي نَفْسِ الْإِنَاءِ، وَاسْتِحْبَابِ التَّنَفُّسِ ثَلَاثًا خَارِجَ الْإِنَاء.
وقال النووي: حَدِيث: نَهَى أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ، وَحَدِيث: كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا: هذان الحديثان محمولان على ما ترجمناه لهما فالأول محمول على أول الترجمة والثاني على آخرها. (١)
(١) يُنظر " شرح صحيح مسلم" للنووي ١٣/ ١٩٨، "فتح الباري" لابن حجر ١٠/ ٩٣.