معهم، فقال زرارة بن عدس له: أبيت اللعن، أصب من هذا الحي شيئاً. قال: ويلك إن لهم عقداً لا يجوز لنا تخطيه. فأخذ زرارة يهون أمر العهد عليه، ويحسن الإيقاع بهم؛ فلم يزل يفتل في الذروة والغارب معه لشيء كان في نفسه على طيىء حتى أصاب أذواداً ونساء، فهجا عارق عمرو ابن هند بأبيات يعصب رأسه فيها بالغدر الذي كان منه، فوقعت الأبيات إلى عمرو بن هند، فتوعد عارقاً وحلف أنه يقتله، فاتصلت مقالته بعارق فقال هذه الأبيات. ومعنى استحقبتها حملتها في الحقائب. وجعل الفعل للعيس اتساعاً. ومعنى تنضى: تهزل، لبعد المسافة.
وقوله أيوعدني استفهام على طريق التقريع لعمرو، واستعظام منه للأمر. والمعنى أنه لا ينالني مع حصانة حبلى ودارى، ولا يتمكن مني على بعد طرقي وأرضي، فلينظر برفق، وليميل بين أمه وأمي، وليكن التعلي والتوعد بمقدار فضله وقدرته. وذكر الأم إظهار لقلة المبالاة، وأنه يجسر على تناول الحرم منه باللسان.
وقوله ومن أجأ حولي رعان أجأ: أحد جبليهم. والرعان: جمع رعن، وهو أنف يتقدم من الجبل. والمراد بيان حال جبلي طيىء في وثاقتهما وحصانتهما، وأمن من ينزل بهما، وأن رعانه كأنها جماعات أحاطت بالجبل وأحدقت، فهي تذب عنها كمتاً وورداً. وذكر القنابل في التشبيه، والعز بأربابها يحصل.
غدرت بأمر كنت أنت اجتذبتنا ... إليه وبئس الشيمة الغدر بالعهد
وقد يترك الغدر الفتى وطعامه ... إذا هو أمسى جله من دم الفصد
يروى: أنت احتديتنا، وهو افتعل من الحدو: السوق. واجتذبتنا، من الجذب. ويروى: أنت دعوتنا. والشاعر يشير إلى ما كان في يد طيىء من عقد الجوار وكتاب العهد، فيقول: كنت أنت الباني لذلك، والمؤسس لمناره، فأبيت إلا أن تنقضه، وبئس العادة الغدر مع العقود، ونكث عرى العهود. والفتى قد يؤثر الإقامة على الوفاء مع الإضافة، وشدة الفاقة، ويطلب اكتساب المحمدة، وإن كان مسكيناً ذا متربة، حتى إذا أمسى يكون جل طعامه فيصيد الدم. ويروى: إذا هو أمسى حلبة من دم الفصد؛ والأول أحسن.